ترجمة

توجهات لا تتفق مع الخصخصة يا خطوطنا السعودية


  

د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

 المتأمل على الرغم من التوجه الذي سبق أن أعلنه مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية وذلك بخصخصة خدمات المؤسسة من خلال تقديم خدمات أكثر جودة وأقل تكلفة، إلا أنه يلاحظ أن هناك عدداً من الخدمات التي تقدمها خطوطنا السعودية لا تتفق مع هذا التوجه، ومن ذلك ما يلي:
1- تعتزم خطوطنا السعودية فرض غرامات على المتخلفين عن السفر في الرحلات الداخلية، حيث يتوقع أن تبدأ تطبيق ذلك خلال الأسابيع القليلة القادمة وذلك على خط (الرياض - جدة - الرياض) على أن يتم التدرج في تطبيق ذلك على كافة الرحلات الداخلية والدولية أسوة بشركات الطيران العالمية.
وإذا كنت أؤيد خطوطنا السعودية على فرض مثل تلك الغرامات على ركابها المتخلفين عن مقاعدهم خاصة وأن ذلك سيسهم في الحد من أنانية بعض المسافرين، وكذلك التصدي لفوضى بعض الوكالات السياحية التي تتاجر بسمعة خطوطنا السعودية، إلا أنني أؤكد على حق هؤلاء الركاب في المطالبة بالكثير من حقوقهم على الخطوط السعودية، فمن حق هؤلاء الركاب المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بهم بسبب التأخير غير المبرر لرحلات السعودية، ومن حقهم المطالبة بالتعويض عن فقدان المقعد أو الدرجة المطلوبة طالما أن حجوزاتهم مؤكدة.
ومن حقهم الاستمتاع بمقاعد سليمة على متن الطائرة حيث يندر أن تجد مقعداً مكتمل الخدمات نظراً لكثرة الأعطال وسوء الصيانة، ومن حقهم ألا يضيع وقتهم انتظاراً لحين قيام أحد موظفي الحجز الموحد بالرد، ومن حقهم أن يجدوا مقاعد متاحة لسفرهم فليس من المنطق أن تكون الرحلات مقفلة معظم فترات العام، ومن حقهم ألا يتعطلوا لساعات طويلة عند قيامهم بشراء تذكرة أو تحويلها أو غيرها من الخدمات.
2- في الوقت الذي تجد فيه أن العديد من شركات الطيران العالمية وكذلك شركات الطيران في المنطقة قد قامت بتخفيض أسعارها بنسب تصل إلى 30% وذلك في أعقاب هبوط سعر برميل النفط من 147 دولار إلى حوالي 40 دولار، وقد شمل هذا التخفيض جميع الدرجات الأولى والأفق والسياحة، إلا أنه يلاحظ عدم استجابة خطوطنا السعودية لذلك بل الملاحظ أن خطوطنا السعودية قد قامت برفع أسعار تذاكر الرحلات الداخلية على الدرجتين الأولى ودرجة الأعمال!!.
3- أعلنت هيئة الطيران المدني مؤخراً بأنها تدرس زيادة أسعار الرحلات الداخلية بين مناطق المملكة حيث ترى أن أسعار الرحلات الداخلية في المملكة تعتبر الأرخص على مستوى العالم، ولا نعلم كيف يمكن أن نوافق على ذلك إذا ما علمنا بأن سعر التذكرة بين بعض مناطق المملكة تفوق الألف ريال في حين نجد أن أسعار التذاكر الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية لا يتجاوز 99 دولار بين أقصى ولايات الشمال وأقصى ولايات الجنوب.
4- قامت خطوطنا السعودية مؤخراً بزيادة أسعار تذاكر الدرجة الأولى 30%، وإذا ما علمنا بأن غالبية طائرات السعودية هي من فئة MD95 والتي لا يوجد عليها مقاعد درجة أولى وإنما هي مقاعد لدرجة الأعمال، فكيف إذا يتم إرغام ركاب السعودية على دفع سعر الدرجة الأولى وهي غير موجودة أساساً.
 

26/1/2009م           عدد 13269

الأزمة المالية ومواصلة هدر أموال الدولة


 

د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 ما من شك أن الأزمة المالية العالمية قد ألقت بظلالها السلبية على معظم القطاعات الاقتصادية ليس في المملكة فحسب وإنما في جميع دول العالم بدرجات متفاوتة، وما من شك أن القطاع العقاري قد تضرر سلباً جراء تلك الأزمة المالية وبنسبٍ تتجاوز الـ50% في الكثير من دول العالم، وما من شك أيضاً بأن أسعار السلع والمواد الأولية للبناء قد تأثرت سلباً بسبب تلك الأزمة حيث انخفضت أسعار تلك السلع بنسب قد تصل إلى أكثر من 70% فمثلا نجد أن سعر طن الحديد قد انخفض من أكثر من 6000 ريال إلى أقل من 1900 ريال، وكذلك الحال بالنسبة للكثير من السلع الأولية للبناء.
أعزائي القراء لم أقصد بمقدمة مقالي اليوم أن أتحدث عن الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها السلبية، وإنما أوردت تلك الأسطر كمقدمة لرغبتي في مناقشة ذلك الاستنزاف والهدر غير المبرر لخزينة الدولة من جراء استمرار استئجار غالبية المرافق والمباني التابعة لأجهزة حكومية، سواء كان ذلك داخل أو خارج المملكة؛ مما يعني هدر الأموال الطائلة سنوياً كمبالغ استئجارية.
بالنسبة لداخل المملكة، فالجميع يعلم أن غالبية المراكز الصحية والمدارس (بنين وبنات) ومقار هيئات الأمر بالمعروف ومراكز الشرطة وكتابات العدل وإدارات المرور وفروع الإدارات البلدية ومراكز الهلال الأحمر ومعظم فروع الوزارات في المناطق، نعم الجميع يعلم أن غالبية مباني ومقار تلك الجهات الحكومية مستأجرة بأموال طائلة غير مبررة، علماء بأن غالبية تلك المباني والمقار لا تصلح أن تقدم فيها الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات الحكومية للمواطن. والسؤال المطروح هنا: أليس من المفترض على جميع الأجهزة الحكومية، وأخص بالذكر وكالة أملاك الدولة بوزارة المالية، أن تستفيد من الانخفاض الملحوظ في أسعار مواد البناء وتعمل على إنشاء وبناء جميع ما تحتاج إليه الأجهزة الحكومية من مبان ومقار بدلا من الاستمرار في هدر الأموال الحكومية من خلال دفعها كمبالغ إيجارية ضائعة؟
أما بالنسبة لخارج المملكة، فالملاحظ أيضاً أن غالبية السفارات والقنصليات والمكاتب والممثليات في الخارج هي مبان مستأجرة؛ مما يمثل هدراً غير مبرر لأموال الدولة، وبالتالي فإذا كانت أسعار العقارات في الكثير من دول العالم قد انخفضت كثيراً من جراء الأزمة المالية العالمية وذلك بنسب تتجاوز الـ50% في بعض الدول، أليس من المفترض إذاً أن تعمل كافة أجهزة الدولة، وأخص بالذكر وزارة المالية، على تملك تلك المباني، سواء من خلال شرائها أو من خلال أسلوب الاستئجار المنتهي بالتمليك أو من خلال آلية البناء والتشغيل من قبل مؤسسات القطاع الخاص لفترة زمنية معينة ومن ثم انتقال ملكية تلك المباني إلى الدولة؟
ختاماً ، إن مواصلة الاستنزاف لخزينة الدولة والهدر المالي غير المبرر من خلال استمرار استئجار غالبية مباني مقار الأجهزة الحكومية داخل وخارج المملكة، إنما يدعونا ذلك إلى مطالبة المجالس العليا بالدولة كمجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي ومجلس الشورى بإعطاء هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحقه بدلاً من تركه للمجاملات والمصالح الشخصية لبعض الناقدين من ضعاف النفوس في بعض الأجهزة الحكومية.

 

12/1/2009م           عدد 13255

 

قرشك الأبيض ليومك الأسود


 

د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 إن من يتمعن في الموازنة العامة للدولة خلال السنوات الماضية، يدرك بأن السياسات الترشيدية في الإنفاق إنما كانت السبب الأساس في السير بهذه الموازنة إلى بر الأمان، وأن الحديث عن هذا التوجه الترشيدي المحمود الذي سلكته ميزانية الدولة يدفعنا إلى الحديث عن الميزانية الخاصة لكل شخص منا.. إن ما دفعني إلى إثارة هذا الموضوع هو انتشار العديد من التصرفات غير المسؤولة التي تصدر من قبل بعض الأفراد والمتمثلة في الإسراف والتمادي في الإنفاق الاستهلاكي وبخاصة في الجوانب الكمالية دون أن يكون هناك توازن ين حجم ذلك الإنفاق الاستهلاكي وبخاصة في الجوانب الكمالية دون أن يكون هناك توازن بين حجم ذلك الإنفاق الاستهلاكي من جهة وبين مستوى الدخل لدى هؤلاء الأفراد من جهة أخرى، وإذا كانت الدراسات الاقتصادية قد أثبتت بأن مستوى الإنفاق عند الكثير من الأفراد يتجه إلى الزيادة كلما زادت دخولهم، إلا أن الملاحظ عند الكثير من الأفراد هو عدم ترددهم في زيادة إنفاقهم الاستهلاكي على الرغم من ثبات دخولهم.
نعم إن من الظواهر السلبية المستشرية لدى أعداد ليست قليلة من مواطني هذا البلد، إنما تتمثل في ذلك السلوك التبذيري والإسرافي.. فنحن شعب مسرف.. مسرف في ولائمه.. مسرف في سفره.. مسرف في اقتناء حاجته ولوازمه.
إنني ومن خلال هذه الزاوية أدعو كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة بأن تتبنى إنشاء بعض الصناديق والبرامج الكفيلة بتأصيل السلوك الاستثماري والادخاري لدى المواطنين، وذلك على غرار ما تقوم به شركة أرامكو، حيث أحسنت الشركة في وضع برامج ادخار بين موظفيها، وذلك لبناء المساكن والفلل لهم وتوصيلهم ببرامج البنوك الخاصة للادخار لأنفسهم وأطفالهم لمدد زمنية معينة كفيلة بصنع مستقبل أكثر إشراقاً للأسرة السعودية، كما أنني أنادي الكُتَّاب المتخصصين لمناقشة وسائل الادخار التي يتوجب على المواطن السعودي أن يسلكها، كما أدعو كافة الأجهزة الحكومية ذات العلاقة كوزارة الاقتصاد والتخطيط والجامعات ومختلف أجهزة الإعلام إلى التعاون في سبيل دراسة وبحث السبل الإدخارية الملائمة وتوعية المواطنين وتوجيههم إلى الحد من سلوكهم الإسرافي، وذلك ليتمكنوا من التصدي لما قد يواجههم في حياتهم من متغيرات اقتصادية صعبة قد لا يستطيعون معها الإيفاء بمستلزماتهم الحياتية في المستقبل.
وختاماً، فإنه من الأهمية التأكيد على أن عدم الإسراف والعمل على ترشيد الإنفاق لا يقتصر على كونه مطلباً اقتصادياً واجتماعياً، وإنما يتجاوز ذلك إلى كونه مطلباً دينياً، وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم كتابه:
 (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا).
 

5/1/2009م           عدد 13248