ترجمة

مخرجات التعليم العالي وتزايد أعداد البطالة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة عكاظ (21 أبريل 2010) أن دراسة إحصائية رسمية قد كشفت عن ارتفاع نسبة البطالة في المملكة رغم الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل في هذا الشأن، وأشارت الدراسة إلى أن عدد العاطلين عن العمل وصل إلى ما يقرب من نصف مليون عاطل أي بزيادة قدرها 32 ألف عاطل عن العمل في نتائج البحث السابق المنفذ في شعبان 1429هـ، وقد أوضحت الدراسة أن نسبة العاطلين السعوديين من الذكور من الحاصلين على شهادة البكالوريوس 44%، أما الإناث، من السعوديات الحاصلات على شهادة البكالوريوس يمثلن أعلى نسبة من بين العاطلات حيث يمثلن ما نسبته 44.2%
وإزاء هذه الأرقام التي كشفتها لنا تلك الدراسة حول تفشي البطالة بين السعوديين بصفة عامة، وتفشيها في أوساط السعوديين من حملة البكالوريوس على وجه الخصوص، أود أن أسوق عدداً من التساؤلات: لماذا ترتفع نسبة وأعداد البطالة في أوساط السعوديين عاماً بعد الآخر على الرغم من الجهود الحثيثة التي تتخذها وزارة العمل للحد من البطالة؟ ولماذا تزيد البطالة في أوساط حملة البكالوريوس من السعوديين والسعوديات على الرغم من التغييرات الجذرية في التخصصات التي يتم تدريسها في الجامعات وبرامج الابتعاث خلال السنوات القليلة الماضية؟
بالنسبة للتساؤل الأول، فأعتقد بأن تهرب وعدم حرص الكثير من المؤسسات والشركات عن توظيف السعوديين والسعوديات في المهن المناسبة لمؤهلاتهم قد أسهم وبشكل كبير في تزايد أعداد العاطلين في أوساط السعوديين والسعوديات المؤهلات، وقد أسهم في ذلك عدم تبني الجهات الرسمية في الدولة وعلى الأخص وزارة العمل العقوبات المناسبة والكفيلة بإلزامهم بإحلال العمالة السعودية المؤهلة بدلاً عن العمالة الأجنبية.
أما ما يتعلق بالتساؤل الثاني والمتعلق بانتشار البطالة في أوساط السعوديين والسعوديات من حملة البكالوريوس، فإنه يجدر الإشارة بتلك الخطوات الجبارة التي قام بها مجلس التعليم العالي برئاسة خادم الحرمين الشريفين خلال العشر سنوات الماضية، حيث يلاحظ أن عدد الجامعات قد ارتفع من (7) إلى (24) جامعة أي بزيادة قدرها (17) جامعة تقدم جميعها تخصصات تتوافق مع احتياجات سوق العمل الحكومي والأهلي والتربوي، إضافة لذلك نجد أن الجامعات السبع الأساسية، بتوجيه من معالي وزير التعليم العالي، قد تم العمل على إعادة هيكلتها، حيث تم الحد من التخصصات التي لا تتوافق مع الاحتياجات التنموية للوطن مع التوسع في التخصصات المتوائمة مع حاجة السوق. هذا بالإضافة إلى إنشاء (9) جامعات أهلية وحوالي الـ(30) كلية أهلية، تتوافق مخرجاتها جميعاً مع الاحتياجات التي يتطلبها سوق العمل الحكومي والأهلي، وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من الكليات والأقسام العلمية في الجامعات الحكومية والأهلية قد قامت بإعادة منهجيتها وخططها الدراسية بالتنسيق مع الجهات الموظفة في سوق العمل كوزارة العمل والغرف التجارية ووزارة التربية والتعليم.
إضافة إلى ذلك فقد جاء برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي كخطوة مهمة في سبيل الحد من البطالة في أوساط السعوديين والسعوديات من حملة شهادات البكالوريوس، حيث بلغ عدد المبتعثين في هذا البرنامج حوالي الـ(80) ألف مبتعث ومبتعثه جميعهم يدرسون تخصصات تطبيقية تتوافق مع احتياجات سوق العمل بالمملكة.
وبعد هذا الاستعراض لتلك الجهود الجبارة التي قام بها كل من مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي والجامعات في تهيئة عشرات الألوف من السعوديين والسعوديات المؤهلين والقادرين على فرض أنفسهم في سوق العمل، فإنني أعتقد بأنه لم يعد مقبولاً أن نرى ذلك التزايد في أعداد البطالة من السعوديين والسعوديات وخاصة المؤهل منهم.
    26/4/2010م           العدد 13724

من نلوم في أزمة الحديد؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
مرة أخرى تحدث وتتكرر جرائم احتكار الحديد، ومرة أخرى تتضرر المشروعات التنموية بالمملكة بسبب ذلك، ومرة أخرى يعاني المواطنون من خلال إلزامهم بدفع مزيد من الأموال لصالح حفنة من تجار الحديد عديمي الذمم، ومرة أخرى تفشل العقوبات غير الرادعة التي اقترحتها وزارة التجارة وتضمنها نظام المنافسة المشروعة في التصدي لجرائم احتكار الحديد.
كل ذلك يحدث في ظل القصور في التصدي لهؤلاء المجرمين من تجار الحديد، وكذلك يحدث في ظل عدم قدرة الوزارة على تبني حلول جذرية رادعة تقضي على أي محاولة لتكرار جريمة احتكار الحديد ورفع سعره.
قبل عامين انتشرت الممارسات الاحتكارية لدى شريحة من كبار تجار الحديد، من خلال قيامهم بتخزين كميات ضخمة من الحديد بهدف تعطيش السوق والتحكم في سعره على حساب المستهلك. وقد كشفت الصحف بأن كميات الحديد المخزنة والمخبأة من قبل أحد تجار الحديد قد تجاوزت المائة ألف طن من الحديد. وقد نتج عن تلك الجرائم الاحتكارية غير الأخلاقية ارتفاع سعر طن الحديد من ألفين (2000) ريال إلى ستة آلاف (6000) ريال.
وقد ترتب على تلك الجرائم الاحتكارية الكثير من الأضرار التي لحقت بالمواطنين، كما تضررت المشروعات التنموية، حيث توقفت الكثير من المقاولات بسبب تلك الزيادة السعرية المبالغ فيها من قبل تجار الحديد. عندها كتبت مقالاً بعنوان (لنضرب بيد من حديد كل من قام بتخزين الحديد)، وطالبت -كما فعل الكثير غيري من الكتاب- وزارة التجارة باتخاذ أقصى العقوبات الرادعة والكفيلة بعدم قيام تجار الحديد بتكرار ممارساتهم الاحتكارية مرة أخرى. نعم طالبنا وزارة التجارة بأن تتعامل مع تلك الجرائم على أنها جرائم موجهة ضد المجتمع بأكمله، وأنها جرائم تمثل تمرداً على هيبة الدولة خاصة بعدما صدرت قرارات لمجلس الوزراء محذرة تجار الحديد من القيام بأي ممارسات احتكارية. وأنها جرائم موجهة للنهش في جسد اقتصادنا الوطني، وذلك في أعقاب توقف المئات من المشروعات التنموية بسبب إخفاء الحديد من قبل تجار الحديد أنفسهم. لقد طالبنا وزارة التجارة بأن لا تكتفي بتطبيق تلك العقوبات التي تضمنها نظام المنافسة، لأنها كغيرها من العقوبات غير الرادعة التي تعج بها أنظمتنا التجارية، والتي تعتبر مشجعة لضعاف النفوس والضمائر من التجار بالتمرد على المجتمع من خلال الاستمرار في ارتكاب المخالفات والجرائم التجارية التي نهشت وما زالت تنهش في جسد مجتمعنا واقتصادنا السعودي.
إن تلك السلبية غير المبررة من قبل وزارة التجارة، وعدم قدرتها على ردع تجار الحديد قبل عامين عندما تمادوا واحتكروا وخزنوا الحديد، هو ما جعل تجار الحديد يعودون مرة أخرى ويرتكبون نفس جرائمهم الاحتكارية، غير مبالين بما يلحق بالمجتمع والدولة من أضرار، وغير مبالين بما ستفرضه وزارة التجارة عليهم من عقوبات.
وبالتالي فإن السؤال المطروح هنا، هل ستستمر وزارة التجارة اليوم في التراخي في تصديقها للمتجاوز من تجار الحديد؟
وللإجابة على ذلك أقول، نعم ستستمر وزارة التجارة في هذا الموقف والذي استمر لسنوات طويلة في التصدي لمختلف المخالفات والجرائم التجارية، كالاحتكار والغش التجاري وكتابة الشيكات بدون رصيد وغيرها من الجرائم التجارية الأخرى والمتفشية بشكل لا يتوافق مع تلك الطفرة التنموية التي تعيشها مملكتنا الغالية في كثير من الجوانب.
نعم سيستمر قصورها لطالما أن المسؤولين فيها غير مستوعبين أن الأنظمة واللوائح والقرارات لا تُحترم من قبل التجار طالما أن تلك الأنظمة لا تتضمن عقوبات رادعة وكفيلة بجعل التجار يحترمون تلك الأنظمة.
 
    19/4/2010م      العدد 13717

رؤية سلمان الاقتصادية في مدينة سدير الصناعية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
دشن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز يوم الثلاثاء الماضي مشروع تطوير مدينة سدير الصناعية بمحافظة المجمعة. وتأتي مدينة سدير الصناعية كأحد مشاريع البنية التحتية العملاقة التي قدمها سموه لخادم الحرمين الشريفين، وذلك ضمن المشاريع التنموية التي ستشهدها منطقة الرياض.
كما تأتي مدينة سدير الصناعية امتداداً لتلك الإضافات التنموية الاستراتيجية التي قدمها أميرنا المحبوب لأهالي المنطقة والتي طالما تميزت منطقة الرياض بأفضلية السبق بها، واستفادت منها بقية المناطق.
ففي عام 1410هـ، ومع بداية تفاقم مشكلة الأراضي الصناعية في مدينة الرياض، وحيث لاحظ سموه انتشار أكثر من خمسمائة مصنع داخل الأحياء السكنية بالعاصمة السعودية، حيث جاءت خارج المدينة الصناعية الثانية بالرياض، لذا وجه سموه عدداً من الصناعيين والاقتصاديين بدراسة الموضوع، وترتب على ذلك أن وجه سموه بتخصيص مدينة للصناعات التحويلية ليكون مقرها محافظة المجمعة، وأطلق عليها سموه (مدينة سدير الصناعية)، وقد جاء هذا التوجيه بإنشاء تلك المدينة الصناعية ليعكس ما يتمتع به الأمير سلمان من رؤية اقتصادية ثاقبة وذلك نظراً للمردود الاقتصادي المتوقع الذي سينعكس على اقتصاد المنطقة بصفة خاصة واقتصادنا الوطني على وجه العموم.
عندما وجه أمير الرياض بإنشاء مدينة سدير الصناعية، لم يكن خافياً على سموه محدودية القدرة التنافسية للصناعة السعودية وذلك كنتيجة لكثرة المنشآت الصناعية الصغيرة المتماثلة وغير القادرة على المنافسة، ولذا جاء توجيهه -حفظه الله- بإنشاء تلك المدينة الصناعية لتكون حاضنة للمشاريع الصناعية العملاقة ذات رؤوس الأموال الكبيرة، وذلك لتكون صناعتنا السعودية أكثر قدرة على المنافسة إقليمياً ودولياً.
كما أن ما يؤكد رؤية سلمان الشمولية من توجيهه - حفظه الله- بإنشاء مدينة سدير الصناعية، هو أن تلك المدينة ستؤدي إلى توفير الآلاف من فرص العمل للشباب السعودي المؤهل، ولتحقيق ذلك نجد أن سمو الأمير سلمان قد وجه بالاستعجال في إنشاء جامعة المجمعة لتطرح العديد من التخصصات العلمية والتطبيقية، وليكون خريجوها قادرين على تشغيل تلك المصانع العملاقة التي ستحتضنها مدينة سدير الصناعية، وما من شك أن التنسيق المدروس بين القائمين على جامعة المجمعة من جهة وبين المستثمرين الصناعيين من جهة أخرى سوف يساعد على تحقيق رؤية الأمير سلمان في هذا الخصوص.
أيضاً من الأمور التي لم تكن خافية عن ذهن أميرنا المحبوب عندما وجه بإنشاء مدينة سدير الصناعية هو ما ستقدمه هذه المدينة من دعم للصادرات السعودية ومن ثم تعزيز الميزان التجاري لصالح المملكة مع العديد من الدول، حيث يتوقع أن يتم تصدير الكثير من السلع المصنعة في مدينة سدير الصناعية دون الاقتصار على السوق المحلية.
وحيث إن إنشاء مدينة صناعية عملاقة في محافظة المجمعة يتطلب وسائل نقل ملائمة لنقل المواد الخام للمصانع فيها وكذلك نقل منتجات تلك المصانع للأسواق المحلية والخارجية، لذا نجد بأن سمو الأمير سلمان لم يتردد في توجيه كل من وزارة النقل وكذلك الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالإسراع في إنشاء شبكة السكك الحديدية لتكون رابطة بين مدينة سدير الصناعية وبين مواني ومناطق المملكة.
ختاماً لقد جاء حرص الأمير سلمان على إقامة مثل تلك المدينة الصناعية العملاقة بمحافظة المجمعة لإدراك سموه بأن ذلك سيعمل على خلق الكثير من الفرص الاستثمارية التي ستصب في مصلحة صناعتنا الوطنية، كما يدرك سموه أن إنشاء مثل تلك المدينة الصناعية سيسهم في جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتوطين الأموال المهاجرة. من أجل ذلك نجد أن سموه الكريم لم يتردد في تخصيص عدد من الاجتماعات للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من أجل تذليل المصاعب التي واجهت إنشاء المدينة الصناعية بسدير.
 
  12/4/2010م       العدد 13710