ترجمة

الخطوط السعودية بين الخصخصة وإحباط موظفيها

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 كنا نعتقد أن ظهور طيران (ناس) و(سما) خلال السنوات الأخيرة سيؤدي إلى جو من التنافس مع الخطوط السعودية في تقديم الخدمات المميزة وتوفير المزيد من المقاعد للركاب، إلا أننا فوجئنا بالهبوط الملحوظ في الخدمات التي تقدمها السعودية لعملائها على الرغم من تخلي السعودية عن العديد من المحطات الداخلية، فما هي أسباب ذلك؟
سبق أن كتبتُ مقالين عن (الشيك الذهبي)، وكيف أن السعودية قد فرطت في الكثير من الكفاءات الإدارية والفنية دون تمحيص لملفاتهم، كما تحدثتُ عن حالة الإحباط التي يعيشها الموظفون الباقون وما يشعرون به من عدم شفافية وتهميش وغموض في مستقبلهم الوظيفي، انعكس سلباً على ولائهم للمؤسسة، ومن ثم على إنتاجيتهم وخدمتهم لعملاء السعودية؛ فكان الخاسر هو السعودية في منافستها لبقية شركات الطيران الأخرى فيما عدا (ناس) و(سما) اللتين تزيد خدماتهما سوءاً مقارنة بما تقدمه السعودية من خدمات.
نعم؛ فبعد مرور أكثر من عامين على رفع شعار الخصخصة نلاحظ تدهوراً في مستوى خدمات السعودية الإدارية والفنية، سواء كان ذلك في الطائرات أو الكاونترات أو الحجز، ناهيك عن عدم توافر المقاعد الكافية لطالبيها (ومسكين من ليس لديه صديق أو قريب يعمل في السعودية).
وعند مناقشتي أسباب ذلك مع عدد من موظفي السعودية فوجئت بأن حالة الإحباط والغموض وعدم وضوح المستقبل الوظيفي التي يعيشها الكثير من موظفي المؤسسة هي سبب ذلك!.. وقد انعكس ذلك في تعاملهم مع عملاء السعودية، وبشكل لا يتفق مع متطلبات الخصخصة والمنافسة مع شركات الطيران الأخرى.
فالكفاءات الإدارية والفنية وبتشجيع من السعودية هجرت المؤسسة من خلال شيكها الذهبي، وقد أدى ذلك إلى مضاعفة الأعباء الوظيفية على المتبقي من الموظفين، وبدلاً من تشجيعهم وتحفيزهم وتكريس جانب الولاء فيهم للمؤسسة نجد أن (السعودية) لم تكافئهم على ذلك بأي حوافز مادية أو معنوية مثل الترقية لمن أكمل عامين بوظيفته قبل إحالته إلى التقاعد، بل إن المؤسسة قد حرمت الكثير منهم من التمتع بإجازته السنوية؛ فكانت النتيجة مزيداً من الإحباط لهم، وتفاقم الخسارة بالنسبة إلى المؤسسة.
أما بالنسبة إلى الموظفين الجدد فقد تم تعيينهم برواتب متدنية؛ ولذا فبعد أن دربتهم (السعودية) تسرب الكثير منهم وهجر المؤسسة ليعمل في وكالات سفر وشركات طيران أخرى تدرك أهمية توفير بيئة العمل المناسبة لموظفيها مادياً ومعنوياً.
أما بالنسبة إلى الموظفين الذين خدمتهم تقل عن 20 سنة وأعمارهم فوق 40 سنة فنجد أن المؤسسة قد أقدمت على إجراءات مجحفة بحقهم، وقد كان من الأجدى بكبار التنفيذيين بالمؤسسة أن يعملوا على تمديد خدمات هؤلاء الموظفين كمعارين لنظام الخدمة المدنية إلى حين إكمال السن النظامية للتقاعد المبكر؛ ولذا فبدلاً من تركيز هؤلاء الموظفين جهودهم في خدمة عملاء المؤسسة نجد أنهم قد تفرغوا لمقاضاة المؤسسة في أروقة المحاكم؛ فكانت النتيجة مزيداً من الإحباط وخسارة للمؤسسة.
معالي المهندس خالد الملحم.. تعلمون أن حصة السعودية في سوق السفر ومستوى خدماتها في تدنٍ ملحوظ، لا يتفق مع سمعة السعودية، ومعاليكم خير مَن يعلم أن أساس الخصخصة السليمة هو تقديم الخدمة المميزة لعملاء المؤسسة.. تعلمون أن الخدمة المميزة لا يمكن أن يقدمها موظفون محبطون، وهو ما لمسناه في شريحة ليست بالقليلة من موظفي المؤسسة، ما رأي معاليكم؟.
26 / 5 / 2008م       عدد 13024

القطاع الخاص و كليات القانون

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 مع التوسع الملحوظ الذي تشهده مختلف القطاعات الاقتصادية بالمملكة، تبرز الحاجة الماسة إلى التوسع في إنشاء كليات للقانون والحقوق، فعلى الرغم من أن القطاع الخاص قد أصبح اللاعب الأساسي في صنع التنمية السعودية وفق ما تضمنته الخطة الخمسية الحالية للتنمية، وعلى الرغم من التوجيهات السامية بدعم الأجهزة القضائية بالمملكة بسبعة مليار ريال مما يتطلب دعمها بالكوادر البشرية المؤهلة، وعلى الرغم من وجود العجز الشديد في إعداد القضاة بالمحاكم، حيث يصل العجز إلى ما يقارب من (2900) قاض، فيكفي أن نشير إلى أن عدد القضايا المنظورة في المملكة في عام 1423هـ هو مليون وستمائة ألف قضية تقريباً في الوقت الذي لا يتجاوز عدد القضاة في المحاكم العامة والمتخصصة عن (350) قاضيا، وعلى الرغم من محدودية أعداد المستشارين والمحامين الأكفاء حيث تعاني مختلف القطاعات الاقتصادية الخاصة من شح وقلة المحامين والمستشارين القانونيين المؤهلين، ويكفي للتأكيد على ذلك أن نعلم بأن أحد الأسباب الأساسية في تأخرنا بالانضمام لمنظمة التجارة العالمية على الرغم من خوضنا لسلسلة طويلة من الجولات التفاوضية هو محدودية وجود المستشارين القانونيين الأكفاء والقادرين على دراسة ملف الانضمام أو إعادة صياغة أنظمتنا ولوائحنا الاقتصادية بما يتوافق مع متطلبات تلك المنظمة العالمية، أقول على الرغم من كل ذلك إلا أنه لا يوجد بالمملكة سوى كلية واحدة للأنظمة بجامعة الملك سعود.
فما من شك أن ما تشهده المملكة من نهضة اقتصادية خاصة في أعقاب انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية مما يعني انفتاح الباب على مصراعيه أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية للمملكة. ما من شك أن ما صدر من توجيهات عليا بتطوير نظام القضاء وما سيتبع ذلك من استحداث للأنظمة واللوائح الحقوقية، إضافة إلى ما سيشهده سلك القضاء من توسع في إنشاء المحاكم الجديدة كالمحكمة العليا ومحاكم الاستئناف، وكذلك التوسع في إنشاء المحاكم المتخصصة كمحاكم الأحوال الشخصية والمحاكم العمالية والمحاكم التجارية، ولما كانت المملكة رائدة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وإرساء قواعد العدل والحقوق، فكل ذلك يدفعنا إلى مطالبة كافة جامعاتنا بالمملكة إلى سرعة إنشاء كليات للقانون والحقوق.
نعم، نحن بحاجة إلى إنشاء كليات للحقوق تسهم في تخريج متخصصين في مجال الحقوق قادرين على الجمع بين أصالة الشرع الحنيف ومقتضيات العصر الحديث، حيث سيسهم ذلك في تفهم الكثير من الإشكالات القانونية التي تواجه مؤسسات وشركات القطاع الخاص، كما أننا بحاجة إلى توفير الكثير من القانونيين الأكفاء والقادرين على سن وصياغة مختلف الأنظمة واللوائح الاقتصادية والتجارية والكفيلة بتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة لمؤسسات وشركات القطاع الخاص، ونحن أيضاً بحاجة إلى تهيئة المزيد من القضاة المتخصصين في مختلف القضايا والإشكالات التجارية؛ حيث سيسهم ذلك في توفير البيئة القضائية المناسبة التي يتطلع إليها مختلف المؤسسات والشركات المستثمرة بالمملكة.
 
19 / 5 / 2008م        عدد 13017

الاستثمارات الخارجية للمؤسسة العامة للتقاعد!

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 أعلن محافظ المؤسسة العامة للتقاعد معالي الأستاذ محمد الخراشي مؤخراً (صحيفة الوطن، الخميس 3 - 5 - 1429هـ، ص12) أن شركة الاستثمارات الرائدة والتي تملكها المؤسسة العامة للتقاعد وتدير استثمارات قيمتها ثلاثة مليارات ريال تدرس الاستثمار في مشروعات عقارية خارج المملكة، موضحاً أن المؤسسة تتطلع إلى تنويع محفظتها الاستثمارية.
إنني أتساءل هنا عن السبب الذي يجعل المؤسسة العامة للتقاعد توجه استثماراتها لخارج المملكة؟ فهل أرضية الاستثمارات في المملكة غير مشجعة إلى الدرجة التي نجد معها أن المؤسسة العامة للتقاعد وبما يتوافر لديها من سيولة طائلة تتجه للخارج بحثاً عن قنوات استثمارية؟ ثم إذا كانت الدولة تقدم مختلف أنواع الحوافز والتسهيلات حتى يتم جذب الاستثمار الأجنبي إلى أسواق المملكة، فكيف يمكن لمثل المؤسسة العامة للتقاعد أن تخالف هذا التوجه بتوجيه أموال المتقاعدين للاستثمار في قنوات استثمارية عقارية خارج المملكة!.
ثم إذا كانت المؤسسة العامة للتقاعد حريصة على توجيه بعض محافظها المالية للاستثمار العقاري خارج المملكة، فإنني أقترح أن يتم توجيه ذلك إلى شراء الأراضي وبناء العقارات ومن ثم بيعها على السفارات والممثليات والملحقيات السعودية خارج المملكة، وذلك بدلاً من استمرار الهدر المالي من خلال استمرار استئجار المباني لتلك السفارات والممثليات بأموال طائلة تفوق ما يفترض أن يتم دفعه فعلاً.
ألا نتفق أن استمرار بقاء السفارات والممثليات السعودية في مبانٍ مستأجرة وبمبالغ طائلة تدفع لجهات أجنبية إنما يمثل استنزاف غير مبرر لخزينة الدولة، ألا نتفق بأن توجه المؤسسة العامة للتقاعد بشراء وإنشاء العقارات الخارجية ومن ثم بيعها على السفارات والملحقيات السعودية في مختلف الدول سيسهم في الحد من الهدر المالي من جهة، وكذلك الإسهام في إعادة الأموال لداخل المملكة من جهة أخرى.
ختاماً، ما لم يتم توجيه المؤسسة العامة للتقاعد للاستثمار في شراء وبناء العقارات الخارجية ومن ثم بيعها على السفارات والملحقيات والقنصليات السعودية بالخارج، حيث يمكن من خلال هذا النوع من الاستثمارات الخارجية أن نحقق جملة من الأهداف الاقتصادية ومن أهمها وقف الهدر المالي، وكذلك الحد من عبث بعض ضعاف النفوس الذين لا يترددون في الارتباط بمبانٍ وبمبالغ إيجارية مبالغ فيها، فما لم يتم ذلك فإنني أرجو من الإخوة القائمين على استثمارات المؤسسة العامة للتقاعد أن يعيدوا النظر في توجههم للاستثمار الخارجي وأن يعملوا على توطين جميع استثماراتهم بالمملكة، وأنا على يقين بأن السوق السعودي مليء بالقنوات الاستثمارية المجدية والكفيلة باستيعاب جميع أموال المؤسسة.
12 / 5 / 2008م         عدد 13010

ماذا يريد تجار الذهب؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت الصحف يوم الخميس الماضي خبراً مفاده أن اللجنة الوطنية للذهب والموجوهرات طلبت من اللجان الفرعية بالغرفة التجارية طرح مرئياتها حول إمكانية فتح مجال عمل النساء في محلات الذهب والمجوهرات بهدف توسيع فرص عمل المرأة في الاقتصاد، إسهاماً منهم في إيجاد حلول لمواجهة البطالة المرتفعة التي تواجهها الفتيات واللواتي لا يجدن فرصاً كافيةً للعمل.
وفي الوقت الذي يبدو أن ظاهر هذه التوجه هو حرص تجار الذهب والمجوهرات على مصلحة المرأة السعودية من خلال مساعدتها بإيجاد فرص عمل مناسبة لها.
إلا أن رفض تجار الذهب والمجوهرات لجميع قرارات السعودة الصادر من أعلى السلطات في الدولة وعلى امتداد السنوات الماضية يجعلنا نشك في نواياهم وحرصهم على مصلحة الفتاة السعودية وتوفير فرص عمل لها، فعلى الرغم من وجود أكثر من ثلاثين ألف فرصة عمل في مجالات الذهب والمجوهرات إلا أنه يندر أن نرى الشباب السعودي في تلك المحلات، بل إن تجار الذهب والمجوهرات قد قصروا التوظيف في تلك المحلات على رعايا إحدى الدول العربية المجاورة وكأننا مكلفون بمعالجة البطالة في تلك الدولة على حساب شبابنا السعودي.
فهل تعلمون أن العديد من القرارات قد صدرت من مجلس الوزراء أو من مجلس القوى العاملة (سابقاً) ومن وزارة العمل قبل أكثر من عشر سنوات وجميعها قرارات ملزمة لتجار الذهب والمجوهرات بتوظيف الشباب السعودي بالعمل لديهم وفق نسب متدرجة، وعلى الرغم من ذلك نجح هؤلاء التجار في التصدي لتلك القرارات وإحراج الدولة واضعين مختلف العراقيل أمام شباب الوطن حتى لا يعملوا لديهم في محلاتهم، فهل بعد هذا نثق في نواياهم بأنهم حريصون على توفير فرص عمل للفتاة السعودية. أعتقد بأن مناشدتهم بإتاحة فرص العمل للمرأة في تلك المحلات سيكون مقصوراً على الفتيات اللواتي يحملن نفس جنسية الدولة العربية المسيطرة على كافة فرص العمل في سوق الذهب والمجوهرات.
ويكفي أن نشير هنا بأن الغرفة التجارية الصناعية بالرياض سبق أن اتهمت تجار الذهب والمجوهرات بأنهم (وبتجرد من الوطنية) قد أعاقوا برامج التدريب التي تنفذها الغرفة بهدف تدريب وتأهيل راغبي العمل في مهنة بائع ذهب ومجوهرات. ويكفي أن نشير أيضاً إلى أن أحد كبار تجار الذهب والمجوهرات سبق أن صرح لمجلة التجارة (العدد 519، ص 87) بأن سعودة محلات الذهب والمجوهرات تحتاج إلى برامج تدريبية تصل مدتها إلى عشرين عاماً. فهل بعد هذا نثق في نوايا تجار الذهب والمجوهرات بأنهم حريصون على توفير فرص عمل مناسبة للمرأة السعودية في محلات الذهب والمجوهرات.
5 / 5 / 2008م       عدد 13003