د. محمد بن عبد العزيز الصالح
لقد أحسن معالي الدكتور غازي القصيبي صنعاً عندما حسم الجدل الاجتماعي والاقتصادي غير المبرر حول عمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية، حيث أصدر معاليه قراراً يقضي بقصر العمل في تلك المحلات على المرأة السعودية خلال عام واحد من تاريخ صدور القرار (بالنسبة لمحلات بيع الملابس النسائية الداخلية).. وعامين (بالنسبة لمحلات بيع العباءات والملابس النسائية الجاهزة).
في ظني أن هذا القرار لهو خطوة رائدة في سبيل دعم ملف السعودة، الذي حقق فيه معالي الدكتور القصيبي الكثير من النجاحات، كما تعكس هذه الخطوة حرص الدولة على توفير فرص العمل المناسبة لكافة أبناء وبنات هذا الوطن، وفي الوقت الذي أثني فيه على هذا القرار، فإنني أتعجب من سماحنا طوال السنوات الماضية لرجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية لأمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا وأخواتنا، وصدقوني أنني لم أتوصل إلى قناعة أو تفسير منطقي لسكوتنا على ذلك طوال السنوات الماضية، فلا عاداتنا الاجتماعية ولا قيمنا الدينية تجعلنا نرضى أن يتولى بيع الملابس الداخلية لأهلنا رجال أجانب وغير مسلمين قد يصعب التّأكد من أخلاقياتهم، وإذا كان لدى البعض شيء من التّخوف من أن يؤدي هذا القرار إلى فتح المجال للاختلاط بين النساء والرجال، فإنني أعتقد أن مثل هذا القول مردود عليه، حيث إن الوضع المتبع حالياً من خلال تواجد الباعة من الرجال في محلات بيع الملابس.
وإضافة إلى الأهمية الدينية والاجتماعية القصوى في عملية إحلال السيدات السعوديات بدلاً من الرجال الأجانب في كافة محلات بيع الملابس النسائية فإنه من الأهمية التّأكيد أيضاً على الاعتبارات الاقتصادية والتي سنجنيها من ذلك القرار، حيث سيترتب على ذلك إيجاد مزيد من فرص العمل الشريفة للمواطنات السعوديات وعدم قصر إسهاماتهن على الجوانب التعليمية فقط، خصوصاً أن فرص الوظائف التعليمية قد بدأت تتقلص مؤخراً، أيضاً فإن مثل هذا القرار سيدفع بالعديد من بنات وزوجات رجال الأعمال في هذا المجال والعاملات في سلك التعليم إلى ترك الوظائف التعليمية والتّفرغ للعمل في تجارة آبائهم وأزواجهم مما قد يسهم ذلك في إتاحة الوظائف التعليمية لمن يحتاجها فعلاً من الفتيات العاطلات عن العمل.
كما تأتي أهمية هذا القرار في حقيقة مفادها أن هناك الكثير من الأُسر التي حكمت عليها الظروف ألا يكون لها أب أو أبناء، وبالتالي فإن اعتماد تلك الأُسر في معيشتها سوف يكون بعد الله سبحانه وتعالى على ما تحصل عليه الفتاة كعائد مالي من تلك الوظيفة.
كلمة أخيرة
معالي الدكتور غازي القصيبي: لمعاليكم جهود مشكورة في استصدار مثل تلك القرارات الهامة ذات الأبعاد الوطنية المتناهية، التي أسهمت في دفع عجلة السعودة، كلنا رجاء يا معالي الوزير أن يكون هناك التزام بالجدول الزمني المحدد لوضع هذا القرار محلاً للتنفيذ الفعلي، وألا يتعرَّض لما تعرّضت له بعض قرارات السعودة الأخرى من جمود، فالقرارات لا قيمة لها ما لم يتم تنفيذها.
30 / 7 / 2005م عدد 11993