ترجمة

قرشك الأبيض ليومك الأسود


 

د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 إن من يتمعن في الموازنة العامة للدولة خلال السنوات الماضية، يدرك بأن السياسات الترشيدية في الإنفاق إنما كانت السبب الأساس في السير بهذه الموازنة إلى بر الأمان، وأن الحديث عن هذا التوجه الترشيدي المحمود الذي سلكته ميزانية الدولة يدفعنا إلى الحديث عن الميزانية الخاصة لكل شخص منا.. إن ما دفعني إلى إثارة هذا الموضوع هو انتشار العديد من التصرفات غير المسؤولة التي تصدر من قبل بعض الأفراد والمتمثلة في الإسراف والتمادي في الإنفاق الاستهلاكي وبخاصة في الجوانب الكمالية دون أن يكون هناك توازن ين حجم ذلك الإنفاق الاستهلاكي وبخاصة في الجوانب الكمالية دون أن يكون هناك توازن بين حجم ذلك الإنفاق الاستهلاكي من جهة وبين مستوى الدخل لدى هؤلاء الأفراد من جهة أخرى، وإذا كانت الدراسات الاقتصادية قد أثبتت بأن مستوى الإنفاق عند الكثير من الأفراد يتجه إلى الزيادة كلما زادت دخولهم، إلا أن الملاحظ عند الكثير من الأفراد هو عدم ترددهم في زيادة إنفاقهم الاستهلاكي على الرغم من ثبات دخولهم.
نعم إن من الظواهر السلبية المستشرية لدى أعداد ليست قليلة من مواطني هذا البلد، إنما تتمثل في ذلك السلوك التبذيري والإسرافي.. فنحن شعب مسرف.. مسرف في ولائمه.. مسرف في سفره.. مسرف في اقتناء حاجته ولوازمه.
إنني ومن خلال هذه الزاوية أدعو كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة بأن تتبنى إنشاء بعض الصناديق والبرامج الكفيلة بتأصيل السلوك الاستثماري والادخاري لدى المواطنين، وذلك على غرار ما تقوم به شركة أرامكو، حيث أحسنت الشركة في وضع برامج ادخار بين موظفيها، وذلك لبناء المساكن والفلل لهم وتوصيلهم ببرامج البنوك الخاصة للادخار لأنفسهم وأطفالهم لمدد زمنية معينة كفيلة بصنع مستقبل أكثر إشراقاً للأسرة السعودية، كما أنني أنادي الكُتَّاب المتخصصين لمناقشة وسائل الادخار التي يتوجب على المواطن السعودي أن يسلكها، كما أدعو كافة الأجهزة الحكومية ذات العلاقة كوزارة الاقتصاد والتخطيط والجامعات ومختلف أجهزة الإعلام إلى التعاون في سبيل دراسة وبحث السبل الإدخارية الملائمة وتوعية المواطنين وتوجيههم إلى الحد من سلوكهم الإسرافي، وذلك ليتمكنوا من التصدي لما قد يواجههم في حياتهم من متغيرات اقتصادية صعبة قد لا يستطيعون معها الإيفاء بمستلزماتهم الحياتية في المستقبل.
وختاماً، فإنه من الأهمية التأكيد على أن عدم الإسراف والعمل على ترشيد الإنفاق لا يقتصر على كونه مطلباً اقتصادياً واجتماعياً، وإنما يتجاوز ذلك إلى كونه مطلباً دينياً، وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم كتابه:
 (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا).
 

5/1/2009م           عدد 13248

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق