ترجمة

شيكاتهم محترمة وشيكاتنا غير!!

د محمد بن عبد العزيز الصالح
 حديث عندما نعلم بأن العقوبات التي تتضمنها الأنظمة لدينا لمن يكتب شيكاً بدون رصيد تصل إلى السجن لفترات طويلة، وأن الغرامات المالية تصل إلى نصف مليون ريال، ومع ذلك نجد أن هناك الكثير ممن لا يتردد في كتابة شيكات بدون رصيد، فإننا نستغرب من ذلك.
وعندما نرى تعدد الجهات التي لها علاقة بقضايا الشيكات التي ليست لها رصيد كالشرط والإمارة والتجارة والغرف التجارية، ودون أن تتمكن كل تلك الجهات من القضاء على هذا النوع من الجرائم المالية، فإننا نستغرب من ذلك أيضاً.
الأمر الغريب أيضاً أننا لا نجد للشيك أي احترام في بلدنا على الرغم مما يحظى به هذا الشيك من احترام في كل دول العالم، والأكثر غرابة هو أن البعض منا كسعوديين يكنّ كل الاحترام للشيك خارج الحدود، أما في المملكة فلا نجد هذا البعض يعيره أيّ احترام. وسأذكر لكم الموقفين التاليين لاثنين من المواطنين السعوديين قاما بكتابة للشيك بدون رصيد، أحدهما في المملكة، والآخر في دبي، وما تم حيالهما:
الموقف الأول في دبي:
طلب صديق لي (سعودي الجنسية) سلفة مقدارها سبعون ألف ريال من سعودي آخر، وقد كانا معاً في مدينة دبي، وتعهد بسدادها بشيك مسحوب على بنك سعودي. وعند عودة الشخص المستفيد للرياض راجع البنك لصرف الشيك وسحب المبلغ فاتضح له أن الشيك بدون رصيد، وبعد عجزه عن الحصول على حقه من الشخص الآخر على الرغم من طول ملاحقته له، قام برفع دعوى عليه في أحد أقسام الشرطة بدبي، وعلى الرغم من أن كلا الشخصين سعوديان، والبنك المسحوب عليه سعودي، إلا أنه سمح له برفع الدعوى عليه بحجة أن العملية احتيال وقع على الأراضي الإماراتية، وقامت السلطات الإماراتية بوضع اسم من قام بكتابة الشيك بدون رصيد على قائمة المطلوبين، وعند دخوله لإمارة دبي في إحدى زياراته لها تم القبض عليه، وطلب منه أن يسدد مبلغ الشيك أو السجن. وبالفعل خلال ساعات قليلة قام بسداد ما عليه وتم إرجاع أموال صديقي؛ وبالتالي تم حفظ حقوق الناس من خلال إيقاف مثل هذا المجرم عند حده حيث لم يعد يجرؤ على كتابة شيك بدون رصيد في إمارة دبي.
الموقف الثاني في الرياض:
مستثمر سعودي معروف قام بطرح مساهمة عقارية؛ فشاركه المئات من المواطنين، وعندما تم اكتشاف تلاعب هذا المستثمر؛ حيث رفض إعطاءهم أرباحهم، كما رفض إعادة رؤوس أموالهم المقدرة بمئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الريالات، إليهم. وحيث يدرك ذلك المستثمر أن الشيكات لدينا لا قيمة لها ولا تحظى بأي احترام قام بكتابة شيكات لهم، وبمراجعتهم للبنك اتضح لهم أن تلك الشيكات بدون رصيد؛ فثاروا وسخطوا، ولم يتركوا جهة من أقسام الشرطة، الإمارة، وزارة التجارة، الغرفة التجارية، إلا وراجعوها على امتداد كامل، إلا أن النتيجة آلت إلى ضياع حقوقهم واستمرار ذلك المستثمر المجرم في ممارساته وتحريره لشيكات لا رصيد ولا احترام لها.
بعد استعراض هذين الموقفين في كل من الرياض ودبي، أعتقد أن علينا ألا نستغرب من عدم احترامنا للشيك في بلدنا، على الرغم من احترامنا له خارج الحدود. وفي ظني أن الشيك لن يحظى لدينا بأي احترام ما لم تتحرك كل الجهات ذات العلاقة وتعمل على الضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ على كتابة شيك بدون رصيد.
وباختصار: لا قيمة للعقوبات التي تتضمنها الأنظمة واللوائح مهما كانت قاسية ما دمنا لا نطبق تلك العقوبات على أرض الواقع، وهذه هي علة الشيكات بدون رصيد لدينا.
2 / 9 / 2007م       عدد 12757

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق