ترجمة

دكتوراه للبيع في محلات أبو ريالين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 منذ سنوات طويلة ونحن نلحظ تكرار مشهد أقل ما يقال عنه بأنه مشهد مقزز يتمثل هذا المشهد في تواجد الشخص بيننا دون تغيب عن أهله أو مجتمعه أو عمله، وفجأة وبدون مقدمات يقترن اسمه بحرف (الدال)، ويقوم بنشر خبر حصوله على الدكتوراه من قبل أحد الجامعات المرموقة في الغرب أو في وطننا العربي. فكيف يكون ذلك؟
وكيف يمكن أن نساوي بين من عانى وتعب لسنوات قد تصل لخمس أو ست سنوات في البحث والدراسة حتى توج جهده وتعبه بالحصول على الدكتوراه، وبين من لم يكلف نفسه حتى عناء السفر لفترة قصيرة. لم يكلف نفسه سوى الانتظار عدة أيام أو أسابيع هي فترة تحويل المبالغ للشقة (عفواً للجامعة) التي اشترى منها تلك الشهادة فكيف يرضى مثل هذا الشخص أن يطلق عليه ألقاباً مزورة ومشتراه، الجميع يعرف أنه لم يبذل فيها جهداً، ألا يعتقد مثل هذا الشخص بأنه قد مارس الغش والخداع والتزوير على أهله ومجتمعه وجهة عمله وقبل ذلك على نفسه وعلى ربه.
وعند شراء مثل هذا الشخص لشهادة الدكتوراه من قبل أحد المنتمين للمافيا الأكاديمية والمنتشرين في عدد من الدول العربية، تجد أنه يبذل المستحيل من أجل معادلة تلك الشهادة من قبل وزارة التعليم العالي، وعلى الرغم من فشله في معادلة تلك الشهادة تجد وبكل...... يبدأ بحملة للنشر في الصحف معلناً حصوله على تلك الشهادة ومبتهجاً باقتران اسمه بحرف (الدال)، ويتبع ذلك إضافة حرف الدال لكروته الشخصية.
إنني أتساءل عن السبب الذي يجعل البعض فينا يلهث بحثاً عن لقب (الدال) فهل الخلل فينا كمجتمع بحيث أننا نحترم ونقدر صاحب (الدال) بغض النظر عن مصداقية ومدى قدرته وتأهيله. أم أن إلصاق حرف (الدال) المظروب بالشخص سيساعده في الحصول على منصب معين أو حوافز معينة في جهة عمله..؟ في ظني أن علينا كمجتمع أن نتصدى لتلك السطحيات والتي بدأت تنتشر لدينا ،وأن نتصدى لمثل هؤلاء الأشخاص الذي يضربوا بالأمانة عرض الحائط من خللا شرائهم لشهادات للوصول إلى (البرستيج) المنشود والذي لا يمكن سوى مركب النقص الذي يعانون منه.
وفي هذا الخصوص أود أن أشير إلى ما تطرق له المفكر والكاتب الكبير فهمي هويدي في مقاله المنشور في صحيفة الأهرام (4-4- 2006م) بعنوان (مقال دكتوراه للبيع)، حيث تمنى أنه لم يبحث أو يكتب في هذا الموضوع نظراً للوجه القبيح الذي اكتشفه ليس بسبب فداحة المعلومات التي توافرت له فحسب ولكن لأن بعض تلك المعلومات أسقطت من عينة أناساً كان يحسن الظن بهم حين يقرأ ما ينشر بأسمائهم أو أرائهم ويتحدثون بثقة على شاشات التلفزيون في مختلف شؤون الكون، وقد تضمن مقال فهمي هويدي أن في مدينة القاهرة لوحدها عشر مراكز تتولى إعداد أطروحات الماجستير والدكتوراه للراغبين في مختلف العلوم الإنسانية، وأن تلك المراكز تتخذ من الشقق السكنية مقاراً لها، ولها مديرون وفريق من الباحثين يتولون طبخ الرسائل العلمية وبيعها.
25 / 11 / 2007م              عدد 12841

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق