ترجمة

خافوا الله يا وكلاء الحليب!!

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 عندما وجه خادم الحرمين الشريفين بتقديم دعم لبعض السلع الغذائية الأساسية بدأها بالرز والحليب بدلا من زيادة أجور موظفي الدولة، كان حرصه - حفظه الله - من هذا الدعم مساعدة كافة المواطنين وليس فئة منهم دون غيرهم، خاصة إذا ما علمنا بأن أعداد موظفي الدولة لا يتجاوزون ما نسبته 15 - 20% من إجمالي عدد سكان المملكة، وفي الوقت الذي استبشر فيه المواطنون بهذا التوجيه الكريم وبقوا منتظرين التطبيق الفعلي لتخفيض هاتين السلعتين في الأسواق، فوجئ المواطنون بزيادة حادة غير مبررة على أسعار الحليب المستورد للأطفال وبنسبة تصل إلى 15% تقريباً.
شخصيا اعتدت أن أشتري أحد أنواع حليب الأطفال المستورد بمبلغ يقل عن 40 ريالا للعبوة الكبيرة خلال العام الماضي وفوجئت خلال العام بارتفاع سعره إلى 46 ريالا وخلال الأيام القليلة الماضية، وفي أعقاب توجيه خادم الحرمين الشريفين بدعم سعر الحليب المستورد وحيث كنا جميعا ننتظر التخفيض الفعلي لسعره في الأسواق فوجئت كغيري من المواطنين بارتفاع سعر هذا النوع من الحليب من 46 إلى 53 ريالا أي بنسبة تتجاوز 13%.
وعندما سألت أصحاب الصيدليات والأسواق عن سبب ارتفاع الأسعار كانت الإجابة أن الوكلاء هم من قام برفع أسعار الحليب.
فلماذا يقدم وكلاء الحليب على تلك الزيادة غير المبررة على المواطنين في سلعهم الأساسية وفي هذا الوقت بالذات؟ هل هو تحد منهم للدولة عندما رغبت بدعم مواطنيها؟ أم أنه جحود ونكران منهم تجاه حكومتهم التي لم تتردد يوما في تقديم مختلف أنواع الدعم لهم؟ ألا يكفيهم بأن الدولة لا تفرض عليهم الضرائب العالية على غرار ما هو مطبق على التجار في مختلف دول العالم باستثناء المملكة.
ألا يكفيهم موافقة الدولة لهم بقصر السوق السعودي الضخم على عدد قليل منهم وعدم فتح المجال لمنافسة من قبل وكلاء مواطنين آخرين حيث سيؤدي ذلك لفتح المنافسة وانخفاض أسعار الحليب المستورد على المواطنين، ألا يتفق معي وكلاء الحليب بأن ثرواتهم الطائلة لم تكن لتأتي بعد توفيق الله إلا بسبب تكفل الدولة لهم وسخاء المواطنين معهم، فلماذا إذاً يكون رد الجميل بالنكران، ولماذا يقابل دعم وسخاء الدولة معهم بتصرفات أنانية أقل ما يقال عنها إنها تصرفات مجردة من الوطنية؟ وما مبرر قيامكم بتلك الإجراءات الاستباقية قبل البدء في دعم الدولة للحليب مستغلين في ذلك ضعف الجهات الرقابية التي فشلت على الدوام في حماية المواطنين من الارتفاعات غير المبررة للأسعار ناهيك عما تعج به أسواقنا من سلع مغشوشة وغير صالحة للاستخدام الآدمي.
يا تجار الحليب لا تعتقدوا أن الدولة لا تعلم عن ممارساتكم الجشعة ولا تظنوا أن الدولة عاجزة عن وقفكم عند حدكم والتصدي لممارساتكم الأنانية غير الوطنية، فالدولة دعمتكم ووثقت بكم، كما أنها استأمنتكم على المواطنين من خلال قصر سوق أهم السلع الأساسية عليكم دون غيركم، ولكنكم لم تقدروا دعم الدولة لكم، ولا ثقتها فيكم، بل إن حبكم لانفسكم وأنانيتكم جعلكم تتحدون قرارات الدولة وبدلا من خفض أرادته الدولة لمواطنيها في أهم السلع الأساسية، أعلنتم تحديكم ورفعتم تلك السلع بشكل ساخر ومبالغ فيه.
الدولة يا تجار الحليب تستطيع إحكام الرقابة على ما تضعونه من أسعار، والدولة تستطيع فرض الضرائب العالية على أرباحكم، والدولة تستطيع تحديد رؤوس الأموال الحقيقية التي تستثمرونها وفرض الوعاء الزكوي الدقيق عليها بدلا من رؤوس الأموال الاسمية والمعلنة والتي لا تعادل سوى جزء بسيط منها تستثمرونه حرصا منكم على عدم دفع الوعاء الزكوي الكامل، والدولة تستطيع أن تلزم الشركات الأجنبية التي تسيطرون على وكالاتها في السوق من خلال ملحقياتها التجارية في الخارج أن تلزم الشركات الأجنبية بأن تسوق منتجاتها من الحليب من خلال أكبر عدد ممكن من الوكلاء المواطنين غير الجشعين الغيورين على أهلهم ووطنهم، والدولة تستطيع أن تعرض مختلف أنواع العقوبات على من يتحداها ويلحق الضرر بالمواطنين من خلال احتكار السوق والتحكم بأسعار السلع الأساسية للمواطنين.
30 / 12 / 2007م         عدد 12876

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق