ترجمة

اللجنة الوزارية وسعودة محلات الذهب

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نُشر مؤخراً ب(الاقتصادية 30-11- 1425ه) أنه تم تشكيل لجنة وزارية تضم في عضويتها كلاً من وزارة التجارة والصناعة، وزارة العمل، الهيئة العامة للاستثمار، ومجلس الغرف التجارية؛ وذلك لدراسة ظاهرة هجرة محلات الذهب والمجوهرات إلى دول مجاورة، حيث يرى أصحاب تلك المحلات أن إلزامهم بسعودة العاملين في محلاتهم إنما يُعد من أهم العقبات التي دفعتهم إلى الهجرة لدول مجاورة وتصدير رؤوس أموالهم إليها.. وإزاء تشكيل تلك اللجنة وما تم نشره في هذا الخصوص، فإن لي وجهة نظر أرجو أن يتسع صدر القراء والمعنيين بالأمر بالاطلاع عليها من خلال الأسطر التالية:
- بدايةً، أجزم بأنه لا يمكن أن يكون قرار سعودة محلات الذهب والمجوهرات عاملاً أساسياً في هجرة تلك المحلات لخارج المملكة، خاصة أن الدولة لم تطبق ذلك القرار بشكل مفاجئ، وإنما اتخذت أسلوب التدرج في تطبيقه (30% في عام 1423هـ، 50% في عام 1424هـ، و100% في عام 1425هـ).. علماً بأن الدولة قد أجلت تطبيق هذا القرار منذ عام 1419-1420هـ مراعاة لمصلحة أصحاب تلك المحلات.
- إنَّ الكثير من أصحاب تلك المحلات ليس لديهم أي استعداد لتفعيل قضية السعودة أساساً، ويكفي أن أشير الى ان طارق فتيحي - وهو أحد أكبر تجار الذهب والمجوهرات في المملكة - قد صرح مراراً بأن سعودة محلات الذهب والمجوهرات تحتاج إلى عشرين سنة (مجلة تجارة الرياض العدد 519). فهل من العقل أن نتقبل مثل هذا الكلام؟!.
- من الأهمية أن يعلم الجميع أن هناك أكثر من ستة آلاف متجر لبيع الذهب والمجوهرات بالمملكة يعمل بها أكثر من عشرين ألف عامل أجنبي، وبالتالي فإن أي توجه لإعادة النظر في قرار سعودة تلك المحلات سيعني حرمان أكثر من عشرين ألف مواطن من فرص عمل هم أحق بها من غيرهم من العمالة الأجنبية.
- بالنظر إلى اللجنة الوزارية المشكلة لدراسة هذا الموضوع يتضح أن ثلاثة أجهزة منها معنية وينصب اهتمامها على أصحاب رؤوس الأموال وتجار الذهب أكثر من اهتمامها بقضايا السعودة، وتلك الجهات هي وزارة التجارة وهيئة الاستثمار ومجلس الغرف التجارية، في حين أن وزارة العمل هي الجهة الوحيدة المعنية بتوطين العمالة في تلك المحلات، ولذا فإنه من الأهمية أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند النظر في توصيات تلك اللجنة قبل اتخاذ أي قرار في هذا الخصوص.
كما أن على أعضاء تلك اللجنة ألا يقتصر اهتمامهم على هجرة رأس المال من محلات الذهب والمجوهرات فحسب، وإنما يجب ان يشمل اهتمامهم أيضا قضايا سعودة العاملين في تلك المحلات أيضا، خاصة أن قضية السعودة تحمل في مضامينها أبعادا اقتصادية أكثر أهمية للوطن، وذلك مقارنة بهجرة رؤوس أموال يدار الكثير منها بالتستر، ناهيك عن الأبعاد الاجتماعية والأمنية الخطيرة التي قد تلحق بالوطن جراء التساهل في قضايا السعودة، لا لشيء سوى من أجل حماية أموال تعود لأشخاص لا تمثل مصلحة الوطن أي اهتمام لهم.
كما أنه من الأهمية على تلك اللجنة الوزارية أن تعمل على بحث كافة القنوات الكفيلة بإزالة العقبات التي تعترض هجرة تلك المحلات لدول أخرى، ولكن دون التعرض أو المساس بموضوع السعودة.. فمن المهم على الأجهزة الممثلة في تلك اللجنة الوزارية أن تدرك أننا وحتى اليوم لم نتمكن من تحقيق السعودة الكاملة فعليا سوى في محلات الذهب والمجوهرات، وبالتالي فإن تم إعادة النظر في ذلك، فلنقل على السعودة السلام، بل ان ذلك سيكون مؤشرا خطيرا بعدم قدرتنا على سعودة أي قطاع آخر، وإن لم يكن أمام اللجنة من حلول سوى اعادة النظر في سعودة تلك المحلات، فمن مصلحة الوطن أن نضحي بتلك المحلات والتي تعمل معظمها من خلال التستر ولا يستفيد الوطن منها شيئا بدلاً من حرمان أكثر من ستة آلاف مواطن فرص عمل هم أحق بها.
- من المفترض على بعض تجار الذهب والمجوهرات الأنانيين والذين لم يمنعهم حبهم لذاتهم ونكرانهم للجميل المقدم لهم من هذا البلد وأهله، كان من الأولى عليهم، ومنذ سنوات، العمل على التنسيق مع صندوق تنمية الموارد البشرية وكذلك مع الغرف التجارية لايجاد دورات تدريبية للشباب الراغب في العمل في محلاتهم، وذلك بدلاً من رفع راية التهديد بالهجرة لدول أخرى.. وصدقوني لن يفعلوا؛ لأن حجم سوق الذهب والمجوهرات في المملكة يعادل أضعاف حجم أسواق الكثير من الدول المجاورة، وإن فعلوا ذلك وذهبوا فهم غير مأسوف عليهم كما أسلفت سابقاً.
12 / 2 / 2005م       عدد 11825

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق