ترجمة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 عمت الفرحة أرجاء الوطن في أعقاب المكرمة الملكية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيادة رواتب موظفي الدولة 15%، حيث ستؤدي تلك الزيادة إلى رفع المستوى المعيشي لهم، إلاّ أنّ تلك الفرحة لعدد منهم قد تبدّدت أمام جشع فئة من التجار يسيطر عليها طابع الأنانية وحب الذات، حيث لم تتردد تلك الفئة من فرض زيادة على أسعار السلع والخدمات التي يسوقونها للمواطنين وبنسب تفوق النسبة التي طرأت على رواتب موظفي الدولة.
ما من شك أنّ التصدي لتلك المكرمة الملكية من قِبل تلك الفئة من التجار بهذا الموقف السلبي، وقتل فرحة المواطنين بتلك الزيادة، إنّما هو تصرُّف أرعن بعيد عن الوطنية، كما أنّه يتضمّن في طياته نكران الجميل لهذا الوطن وأهله. فعلى الرغم من توجيهات سمو وزير الداخلية لأمراء المناطق بالمتابعة الدقيقة للأسعار لضمان استقرارها وعدم زيادتها، وعلى الرغم من توجيه وزارة التجارة لكافة موظفيها ومكاتبها المنتشرة في مدن ومحافظات المملكة برصد أي متغيرات في مستويات الأسعار، أقول على الرغم من كلِّ ذلك إلاّ أنّه وللأسف نجد أنّ بعض التجار وبتجرُّد من أي وطنية لم يترددوا من زيادة الأسعار في أعقاب الإعلان عن المكرمة الملكية لزيادة رواتب الموظفين. ومن السلع التي شهدت ارتفاعاً في أسعارها (وفقاً لما نشرته عدد من الصحف) كلٌّ من الغاز والاسمنت والأعلاف وغيرها من السلع التموينية الأخرى، ويكفي أن نشير في ذلك إلى أنّ الرقم المجاني الذي تم تخصيصه من قِبل وزارة التجارة لاستقبال شكاوى المواطنين قد استقبل أكثر من ألف شكوى في هذا الخصوص في يوم واحد (الشرق الأوسط ، الجمعة 26-8-2005م).
وإذا كانت وزارة التجارة قد أفصحت خلال الأيام الماضية بأنّها عازمة على فرض عقوبات رادعة ستطبّق بحق هؤلاء التجار، فإنّني وبكل صراحة قد لا أكون متفائلاً بما ستقرره الوزارة من عقوبات في هذا الخصوص، ويرجع سبب تشاؤمي إلى أنّه لم يعهد عن وزارة التجارة تطبيق أي عقوبات قاسية أو كفيلة بردع مثل هؤلاء التجار عن تلك الممارسات، ويكفي أن نشير إلى انتشار الكثير من السلع المغشوشة والمقلّدة والمنتهية الصلاحية في أسواقنا طوال السنوات الماضية دون أن يكون موقف حازم من قِبل وزارة التجارة تجاه ذلك. ولذا فالوزارة مدعوّة إلى فرض عقوبات قاسية تجاه التجار المخالفين والتشهير بهم وإغلاق محالهم التجارية دون الاقتصار على فرض عقوبات مالية محدودة لا يتجاوز مقدارها نسبة بسيطة مما حققه التاجر من تلك التجاوزات.
ختاماً، إنّ حديثي عن التجار هنا ليس على سبيل التعميم، وبكلِّ تأكيد فإنّ التجار الذين يسلكون تلك الممارسات هم قلة والحمد لله، بل إنّ هناك نماذج مشرفة من التجار نفتخر بوجودها في مجتمعنا ونعتز بوطنيتها وغيرتها على هذا الوطن وأهله. فالشيخ عبدالله بن صالح العثيم الرئيس التنفيذي لشركة العثيم التجارية جسَّد أروع صور المواطنة الحقة، فبالإضافة إلى قيامه بزيادة رواتب الموظفين العاملين بشركاته بنسبة 15% تجاوباً مع مكرمة خادم الحرمين الشريفين، تجد أنّه أيضاً لم يتردد في تخفيض يبلغ 15% على جميع أسعار الأدوات المدرسية وبعض السلع والأصناف الغذائية والاستهلاكية التي تسوقها شركة العثيم. هذه البادرة من الشيخ عبدالله العثيم ما هي إلاّ امتداد لسلسلة عطاءاته الوطنية المتعددة، فما أحوجنا إلى أن يتتلمذ بعض التجار في مدرسة عبدالله العثيم الوطنية.
10 / 9 / 2005م          عدد 12035

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق