ترجمة

في مناسبتنا الوطنية

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما رفع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيَّب الله ثراه - راية التوحيد مهلِّلاً ومعلناً توحيد المملكة عام 1351هـ، وأن المُلك في أرض الجزيرة العربية لن يكون إلا لله سبحانه وتعالى ثم لعبد العزيز، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظنُّ بالقدرة على تحقيق الإنجازات التنموية المتلاحقة التي حققتها المملكة منذ عهد الملك عبد العزيز حتى وقتنا الحاضر. وذلك ليس من قبيل التشاؤم، ولكن كل المعطيات التي صاحبت توحيد المملكة في بداياتها كانت توحي بذلك، فالجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تفتقد إلى كل المقومات الأساسية التي تقوم عليها عملية بناء التنمية، إضافة إلى أن إعلان توحيد المملكة قد جاء في أعقاب حربين عالميتين؛ مما جعل مرحلة التوحيد تنطلق في أجواء عالمية غير آمنة ولا مستقرة. وعلى الرغم من كل تلك المعطيات الصعبة فقد استطاع موحد هذه الجزيرة أن يضع مختلف الأساسيات اللازمة للشروع في تنمية حضارية سعودية.
وكما تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أثناء ترؤسه إحدى جلسات مجلس الوزراء عندما قال: إن اليوم الوطني هو مناسبة مواتية لأن نحاسب أنفسنا عما قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية، وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه. وإذا كانت المملكة قد قطعت شوطاً في شتى المجالات فإنه لا يزال أمامنا شوط طويل يتطلب منا تكثيف كل الجهود المبذولة، فكل مواطن مطالب بأن يقف وقفة صادقة مع وطنه. وبالتالي فإن المصارحة بين المواطن والمسؤول مطلوبة في هذا الوقت بخاصةٍ أكثر من أي وقت مضى، وخصوصاً أن المسؤولين قد عوَّدونا على عدم التردد في التجاوب مع كل ما يرد من المواطنين من ملاحظات ونصح ما دام ذلك يصبُّ في مصلحة المواطن.
وبهذه المناسبة الغالية علينا جميعاً أحب أن أؤكد أنه من الأهمية ألاَّ يقتصر احتفالنا بهذه المناسبة على إقامة المهرجانات الوطنية، وإنما يجب أن ينطلق احتفالنا بهذه المناسبة من خلال مضاعفة وتكريس الجهود، وبالتالي فإن ما سيتم سنُّه ووضعه من سياسات اقتصادية يجب ألا يقتصر على تحقيق المكاسب الوقتية، وإنما يجب أن تنطلق تلك السياسات لتحقيق المكاسب ذات المنظور الأبعد.
إن مناسبة اليوم الوطني هي فرصة مواتية لنسأل أنفسنا عما أنجزنا خلال الفترة الماضية في سبيل بناء التنمية السعودية، فماذا تم حيال تطوير الكثير من الأنظمة الاقتصادية التي أكل عليها الدهر وشرب؟ وماذا أعددنا لنجعل البيئة الاستثمارية في المملكة أكثر ملاءمة لجذب المزيد من الأموال الأجنبية؟ وماذا عملنا لكي نحدَّ من الأضرار التي قد تلحق ببعض قطاعاتنا التنموية في حال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بدلاً من الأجنبية؟ وماذا تم بخصوص تطوير المناهج التعليمية لتكون أكثر توافقاً مع متطلبات واحتياجات سوق العمل؟ وماذا.. وماذا.. وماذا؟ استفسارات كثيرة تحتاج إلى وقفة ومراجعة مع النفس من الجميع.
وأخيراً، لا نملك سوى الدعاء بالرحمة والغفران لجلالة المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن طيَّب الله ثراه. وأشدُّ على يد كل مواطن بأن يتخذ من التجارب التي مرَّ بها موحِّد هذه الجزيرة التي استطاع من خلالها أن يؤسِّس بنيان هذه الدولة عبرةً له.
 
24 / 9 / 2005م          عدد 12049

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق