ترجمة

تغليظ العقوبة لوقف مسلسل الجرائم التجارية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أثناء تصفحي إحدى الصحف المحلية، وقعت عيناي على جملة من الأخبار التي يقف لها شعر الرأس، ومنها: (شرطة الرياض تصادر أكثر من خمسة آلاف إطار غير صالحة للاستخدام) وخبر آخر ينص على: (هيئة الغش التجاري تتلف أكثر من أربعة ملايين وحدة من المواد الاستهلاكية الفاسدة) وخبر آخر ينص على: (تسويق مستحضر تجميلي في صيدلياتنا يؤدي لقصور في وظائف الكبد).
وأمام تلك المخالفات (بل الجرائم) التجارية والجنائية التي تستشري في الكثير من أسواقنا يتبادر للذهن جملة من التساؤلات، فإلى متى سوف يستمر انتشار تلك المخالفات (أو الجرائم) الجنائية التي أودت وما زالت تودي بحياة الكثير من الأبرياء دون ذنب؟ ولماذا لا يتم الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس؟ ولماذا لا يتم تحليل وفحص كافة السلع المستوردة قبل أن يتم فسحها وتسويقها في أسواقنا؟ ثم هل تتضمن الأنظمة واللوائح المعمول بها لدينا العقوبات الكفيلة بردع كل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس؟ وهل تتضمن تلك اللوائح عقوبة السجن بل والجلد لذلك التاجر المروج لتلك السلع القاتلة أو حتى مجرد عقوبة التشهير به؟ أم أن العقوبات المطبقة لا تتجاوز العقوبات المالية التي لا تمثل سوى جزء يسير من الأرباح الطائلة التي يحققها بعض التجار من خلال متاجرتهم وتسويقهم لتلك السلع القاتلة؟ نحن لا يهمنا لمن نوجه الاتهام أو لمن تحمل المسؤولية من تواجد السلع التجارية أو المستحضرات العلاجية القاتلة، بقدر اهتمامنا بأن يتم استئصال كافة تلك السلع والممارسات التي تزخر به أسواقنا من وقت لآخر.
في ظني أنه ما لم يتم التشديد من خلال فرض عقوبات السجن والجلد بل وحتى الإعدام في حالات معينة وذلك لكل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس من خلال تسويقه لتلك السلع القاتلة، نعم ما لم يتم ذلك فإننا سنظل نتحدث ونكتب وننتقد دون جدوى، والأمرّ من ذلك أن مسلسل إزهاق الأرواح البريئة من جراء تلك التجاوزات التجارية سيستمر دون أن نتمكن من التصدي لها.
الجدير بالذكر أن مجلس الشورى قد فرغ مؤخراً من مناقشة نظام مكافحة الغش التجاري حيث يذكر أن المجلس قد اتجه إلى تغليظ العقوبات ومضاعفتها في حال أن يؤدي الغش التجاري إلى الإضرار بحياة البشر، وفي الوقت الذي نثني على هذا التوجه لتغليظ العقوبات الذي طال انتظاره كثيراً فإنه من الأهمية التأكيد على أن تلك العقوبات لن تكون ذات جدوى ما لم يتم تطبيقها فعلاً وعلى أن لا يكتفى بتطبيق الحدود الدنيا.
ختاماً نذكر بأن الكثير من الضحايا والأنفس البريئة قد أزهقت أرواحها بسبب ممارسات الغش التجاري التي يمارسها بعض التجار، ولو كانوا يدركون أنه سيطبق عليهم عقوبات رادعة تتوافق مع ما يرتكبونه من جرم لما تجرأ أحد منهم على تسويق مثل تلك السلع القاتلة.
ولذا فإنني أؤكد على جميع الجهات ذات العلاقة أن تتعامل مع هذا الموضوع بقسوة وأن تعمل على تغليظ العقوبات المطبقة فعلاً.
10 / 12 / 2005م        عدد 12126

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق