ترجمة

لنقسُ على الغشاشين يا أهل الشورى

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
أشارت الصحف خلال الأسبوع الماضي إلى أنّ مجلس الشورى يوشك على الانتهاء من دراسة مشروع نظام مكافحة الغش التجاري الجديد، حيث يتّجه المجلس إلى تغليظ العقوبات ومضاعفتها في حال أن يؤدي الغش التجاري إلى الاضرار بصحة وحياة الإنسان. وفي الوقت الذي أثني فيه على هذا التوجُّه للمجلس، فإنّ هناك عدداً من الجوانب التي أرجو من أعضاء المجلس أن يأخذوها في الاعتبار قبل الانتهاء من دراسة مشروع النظام، علماً بأنّني سبق أن كتبت عن بعض جوانب هذا الموضوع مع بداية دراسة المجلس لمشروع النظام:
* ذكرت الصحف أنّه بناءً على مصدر موثوق فإنّ المجلس بصدد فرض غرامه مالية لا تزيد على المليون ريال بحق كلِّ من يرتكب عملية غش تجاري تؤدي إلى الاضرار بصحة الإنسان والحيوان. وإنّ السؤال الذي يمكن طرحه هنا يتمثّل في السبب الذي يجعلنا نحدِّد الحد الأعلى للعقوبة المالية، ثم لماذا لا توجد حدود دنيا رادعة لتلك العقوبة إذا ما علمنا بأنّ لجان الفصل في قضايا الغش التجاري عادة ما تكتفي بفرض غرامات زهيدة لا تتجاوز الخمسة آلاف ريال، مما يعني أنّ حجم العقوبة المالية لن يعادل سوى جزء بسيط من حجم الأرباح العالية التي قد يحققها التاجر من جرّاء ارتكابه لمخالفة الغش التجاري، وقيامه ببيع سلع غذائية منتهية الصلاحية قد يزهق بسببها الكثير من الأرواح البريئة .. وبالتالي فبدلاً من أن تكون الغرامة المالية رادعاً لمن يرتكب مخالفة غش تجاري، أصبحت تلك العقوبة مشجِّعة لكلِّ ضعيف نفس يرغب في ارتكاب مثل تلك المخالفات. أعتقد بأنّ حجم الغرامات المالية المطبقة يجب أن تكون شاملة لكافة الأرباح التي حققها من قيامه بتسويق تلك السلع المغشوشة، مضافاً إليها الغرامة المالية المقترحة والتي تم تحديد حدِّها الأعلى بمليون ريال .. فمن يسوِّق مستحضرات تجميلية أو سلعاً غذائية فاسدة في كافة مناطق المملكة، ويزهق بسبب ذلك أرواحاً بريئة، ويحقق ملايين الريالات كأرباح من جرّاء ذلك، لا يستحق أن نتعاطف معه بقصر الغرامة المالية عليه بمليون ريال فقط.
* أرجو من الإخوة أعضاء المجلس أن يدرسوا إمكانية اعتبار مخالفات الغش التجاري على أنّها (جرائم) بدلاً من قصرها على (مخالفات) تجارية، خاصة تلك الحالات التي تؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة مما يعني تغليظ العقوبات، بحيث تشمل السجن والجلد وأحياناً القصاص في بعض تلك الجرائم.
* من الأهمية أن يتم إدراج عقوبة التشهير ضمن العقوبات التي سيتضمّنها مشروع نظام الغش التجاري الجديد. فإذا كان لاسم التاجر أهمية كبيرة سواء في مجتمع كالمجتمع السعودي أو في السوق، فإنّني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا لا نشهر ولا ننشر أسماء مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يتردّدون في ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية بحق إخوانهم المواطنين والمقيمين. ثم لماذا نراعي شعورهم من خلال التكتُّم والمحافظة على أسمائهم. في ظني إنّ عقوبة التشهير من خلال نشر أسماء هؤلاء التجار، بل وحتى نشر صورهم الشخصية في وسائل الإعلام، سيكون مفعوله أكثر من الغرامات المالية المفروضة عليهم.
إخواني أهل الشورى، السوق مليء بجرائم ومخالفات الغش التجاري، وقد لا تتعدّل تلك الأوضاع ما لم تسلكوا مسلكاً رادعاً في مشروع نظام مكافحة الغش التجاري والذي هو بين أيديكم حالياً.
24 / 12 / 2005م         عدد 12140

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق