ترجمة

هل الغرامة لترشيد المياه أم لاستنزاف الجيوب؟

د محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما يقوم أي جهاز من أجهزة الدولة أو إحدى مؤسساتها التي تقدم خدماتها للمواطنين باقرار غرامة مالية بحق أي من الأشخاص المسيئين استخدام تلك الخدمة، فإن الهدف من ذلك هو حث الناس ودفعهم على الالتزام والانضباط في استخدامهم لتلك الخدمة، وبكل تأكيد فإن استنزاف جيوب المواطنين لا يمكن ان يكون هدفاً من تلك الغرامة.ما دعاني لسرد هذه المقدمة هو تلك الغرامات القاسية التي تفرض من وقت لآخر من قبل المديرية العامة للمياه ومقدارها (200 ريال) والتي عادة ما يعاني منها المواطن محدود الدخل، حيث يبدو من تلك الغرامة وكيفية تطبيقها انها تؤدي إلى استنزاف الجيوب وليس الترشيد في استخدام المياه. وأن ضررها يقتصر على المواطن محدود الدخل وفقاً للايضاح التالي:
* ان المواطن الغني صاحب القصر أو البيت الكبير هو من يستنزف المياه بكثرة حيث يتم غسل ساحات القصر بشكل يومي، وبحكم ان لديه شبكة تصريف للمياه داخل المنزل فإن المياه لا تتدفق لخارج المنزل على الرغم من استنزافه المبالغ فيه للمياه، أما المواطن محدود الدخل فليس لديه تصريف داخل للمياه وبالتالي فإن أي تهريب بسيط أو خلل في العوامة سيجعله عرضة للغرامة المالية. فهل حققت مديرية المياه الهدف من فرضها تلك الغرامة المالية؟
* مواطن سافر خلال إجازة الصيف لمدة شهر، وبسبب عطل خارج عن الإرادة في عوامة الخزان أدت إلى تسرب كميات قليلة من المياه للشارع، وعند عودته من السفر وجد أن ثماني مخالفات قيمة كل منها مئتا ريال في انتظاره إلا يفترض من موظف مديرية المياه ان يطرق باب المنزل للتأكد من وجود أهل المنزل؟ ألا يفترض إخطار أهل المنزل بانذار مكتوب قبل ان يتم تحرير المخالفة المالية فيما بعد؟ ثم هل حققت مديرية المياه مبتغاها من ترشيد المياه عندما اثقلت على هذا المواطن محدود الدخل بتلك الثماني مخالفات والتي بلغت قيمتها (1600 ريال)؟
* إن حجم الاستهلاك الشهري من المياه للمواطن محدود الدخل يراوح بين 15 و 20 ريالاً فقط، فكيف تطبق بحقه غرامة مالية تعادل استهلاك كامل السنة لمجرد تسرب مياه للمرة الأولى، علماً أن ذلك قد يكون خارج عن إرادته، لماذا لا يكون هناك تسلسل تدريجي في فرض تلك الغرامة المالية بحيث تبدأ من (50 ريالاً ثم 75 ريالاً ثم 100 ريال ثم 125 ريالاً وهكذا..) على أن تنتهي عدد مرات المخالفة بنهاية كل عام.
* قياساً على الأجواء الترابية لدينا، فإن كل منزل يحتاج الى غسيل كامل دون الاكتفاء بالمسح، فالاتربة التي هي مصدر للعديد من أمراض الحساسية لا يزيلها إلا الغسيل، وبالتالي فعند قيام المواطن محدود الدخل بغسل ساحات منزله مرة واحدة كل شهر أو شهرين من أجل صحة أفراد عائلته فهل يجب ان تكون تلك الغرامة القاسية له بالمرصاد؟
ختاماً، سؤالي الموجه للمسؤولين عن المياه: هل الغرامة المفروضة على تسرب المياه ومقدارها 200 ريال عادلة في ضوء ما ذكرت من معطيات في هذا المقال؟ ثم هل حققت الترشيد في استخدام المياه، أم أنها استنزفت جيوب فئة من المواطنين هم أحوج ما يكونون إلى مبلغ تلك الغرامة؟ ثم ألم يأتي الوقت الذي يفترض ان نميز فيه بين مرتاحي الدخل ومحدودي الدخل عند حساب تكلفة استهلاك المياه من خلال تطبيق نظام الشرائح على غرار ما هو معمول به في حساب تكلفة الكهرباء؟
31 / 12 / 2005م         عدد 12147

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق