ترجمة

العقوبة غير رادعة يا معالي الوزير

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما صدر قرار مجلس الوزراء رقم (50) في عام 1415هـ والقاضي بإلزام المؤسسات والشركات التي لديها عشرون عاملاً فأكثر بسعودة (5%) من مجموع العمالة الموجود لدى كل مؤسسة بصفة سنوية، كنا نتمنى أن تلتزم كل المؤسسات بذلك وأن تعمل على الإحلال التدريجي لشباب الوطن على امتداد الاثني عشر عاماً الماضية، وذلك بدلاً من العمالة الأجنبية التي غصت بها مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية. وبكل صراحة لم يكن يرد في الحسبان أن تصل اللامبالاة والضرب بالوطنية عرض الحائط من قبل بعض أصحاب المؤسسات الوطنية إلى الحد الذي يقدمون فيه على تسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً وذلك تهرباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزورة للجهات المختصة.
خلال الأسبوع الماضي صدر قرار معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي بإيقاف الاستقدام لمدة خمس سنوات عن مؤسسة أهلية وذلك لتسجيل عدد (34) مشتركاً في التأمينات الاجتماعية على الرغم من عدم عملهم لدى تلك المؤسسة.
في اعتقادي أن المخالفة التي اقترفها صاحب المؤسسة يجب ألا يتم قصر التعامل معها على أنها مخالفة لقرارات السعودة فحسب وإنما يجب التعامل معها على أنها جريمة تزوير، فصاحب المؤسسة لم يتردد في تقديم معلومات وأسماء مزورة مغلوطة للجهات الحكومية المختصة حيث استطاع من خلالها الإضرار بالمصلحة العامة من خلال قيامه بتقديم تلك الأسماء الوهمية على وثائق رسمية زعماً منه بأنهم موظفون لديه وتهرباً منه من تنفيذ الواجب الوطني عليه بإتاحة الفرصة لأبناء الوطن وعدم إحلالهم تدريجياً بدلاً من العمالة الأجنبية لديه. فالمادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير الصادر بقرار مجلس الوزارة رقم (550) وتاريخ 3-11- 1382هـ وتوج بالمرسوم الملكي رقم (53) وتاريخ 5-11- 1382هـ تقضي بإيقاع العقوبة بالسجن من سنة إلى خمس سنوات على كل من أثبت وقائع وأقوال كاذبة على أنها وقائع صحيحة أوقام بوضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية في أوراق رسمية.
وفي ضوء تلك المادة النظامية التي تضمنها نظام صادر بمرسوم ملكي، وفي ضوء شناعة الجرم الذي أقدم عليه صاحب تلك المؤسسة بارتكابه لجريمة التزوير، وفي ضوء خطورة مثل هذا التصرف اللامسئول على قضية السعودة التي تهمنا جميعاً، فهل شاطرني معالي الدكتور غازي القصيبي الرأي في أن التكييف القانوني للفعل الذي ارتكبه صاحب المؤسسة لا يتوجب أن يقتصر تصنيفه على أنه من قبيل المخالفات وإنما يتجاوز ذلك الى اعتباره جرماً وبالتالي فإنه وبالإضافة لعقوبة إيقاف الاستقدام التي تم إقرارها من وزارة العمل، فإنه يفترض أيضاً أن يتم إحالته للجهات المختصة لتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام التزوير حيث سيكون ذلك رادعاً لكل مَنْ تسول له نفسه تقديم معلومات مزوره للسلطات لا يتضرر منها سوى الوطن والمواطن.
لمجرد التنويه
هناك فرق بين مَنْ يكتب عن قضية السعودة بدوافع وطنية بحتة سواء كانت تلك الدوافع اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، وفرق بين مَنْ يكتب عنها لتحقيق أغراض مادية شخصية بحتة سواء كان من أصحاب الورش أو المؤسسات والشركات أو كان مدفوعاً للكتابة نيابةً عنهم. والله المستعان.
17 / 12 / 2005م           عدد 12133

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق