ترجمة

خوش عقوبة

د محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة المدينة (12 صفر 1426هـ) خبراً مفاده أن وزارة التجارة والصناعة تحقق مع مجموعة من المستوردين السعوديين الذين قاموا باستيراد كميات من إطارات السيارات وإدخالها للسوق المحلية وتوزيعها على محلات بيع الإطارات والبناشر؛ مما أسهم بشكل كبير في كثرة الحوادث المرورية المميتة. وأضافت الصحيفة تقول بأن فريق هيئة ضبط الغش التجاري بالوزارة قد قام بجولات ميدانية على محلات البناشر ومحلات بيع الإطارات في محافظة جدة، وقد تم ضبط أكثر من سبعة وأربعين ألف إطار غير صالح للاستخدام، وقد تم إحالة مَن ثبتت إدانته إلى مكتب الفصل في المنازعات التجارية التابع للوزارة لتطبيق ما ينص عليه النظام الذي يشتمل على تغريم التاجر بغرامة مالية تتراوح بين (5.000 - 100.000 ريال) والتشهير به على حسابه الخاص. وبعد أن انتهيتُ من قراءة هذا الخبر الصاعق أودُّ أن أعلق عليه بجملة من التعليقات:
- إنني أتعجب كيف يكون هناك تجار سعوديون عديمو الذمم أعماهم الجشع والطمع إلى الدرجة التي لا يترددون فيها من اتباع مختلف طرق الغش التي تؤدي إلى قتل الكثير من إخوانهم وأقربائهم الأبرياء.
- إنني أتعجب من ذلك الموقف السلبي لوزارة التجارة تجاه تلك الجرائم الجنائية، فكيف يمكن أن تكتفي وزارة التجارة بعقوبة الغرامة المالية بخمسة آلاف تصل إلى مائة ألف بحق تجار يستوردون أكثر من سبعة وأربعين ألف إطار مغشوش في محافظة واحدة من محافظات المملكة ويحققون ملايين الريالات أرباحاً من جراء ذلك؟!
في ظني أن العقوبة التي يرى الإخوة في وزارة التجارة مناسبتها إنما هي عقوبة مشجعة لكل تاجر عديم ذمة أن يبادر إلى ارتكاب مثل تلك المخالفات والجرائم، خاصة أن هذه الغرامة المالية لا تعادل سوى نقطة في بحر من حجم الأرباح الطائلة التي يحققها التجار من جراء ارتكاب تلك الجرائم، فلماذا تكتفي وزارة التجارة بتلك الغرامة المالية البسيطة بحق من يرتكب مثل تلك الجرائم غير الأخلاقية التي أودت بحياة أعداد كبيرة من الأبرياء؟! وهل يعتقد إخواني المسؤولون بالوزارة أن تلك الغرامة المالية البسيطة ستكون رادعة بالفعل لبعض رجال الأعمال عديمي الذمة وتدفعهم بالفعل إلى احترام ما ورد في نظام مكافحة الغش التجاري من أحكام؟!
إن ما تم ارتكابه من قِبل هؤلاء التجار عديمي الذمم يجب ألا يقتصر على كونه مخالفة تجارية، وإنما يجب أن يتجاوز ذلك إلى كونه جريمة جنائية، فمَن يقدم على المتاجرة بأرواحنا من خلال استيراده وتسويقه لإطارات مغشوشة وغير صالحة للاستخدام يجب أن يتم التعامل معه على أنه مرتكب جرماً جنائياً دون الاقتصار على كونها مخالفة تجارية.
- في ظني أنه لا اختلاف بين مَن يسوِّق سلعاً مغشوشة منتهية الصلاحية تودي بحياة الناس ومَن يرتكب جريمة القتل العمد، بل إنني أجزم أن القاتل العمد قد يكون تحت تأثير حالة من الغضب أو غيره من المؤثرات الأخرى، بينما نجد أن مرتكب جرائم الغش التجاري يتعمد قتل المستهلكين تدريجياً دون وازعٍ ديني أو أخلاقي، ومع ذلك نجد أن عقوبة القتل تكون للقاتل عمداً، بينما نجد أننا نستكثر تطبيق حتى عقوبة السجن لعدد من السنوات على مثل هؤلاء التجار. إذا كانت أعداد الإطارات المغشوشة غير الصالحة للاستخدام في محافظة واحدة من محافظات المملكة تبلغ أكثر من سبعة وأربعين ألف إطار، فكم سيبلغ أعداد تلك الإطارات في مختلف مناطق ومحافظات المملكة؟!عندها سيتضح السبب في ارتفاع قتلى وضحايا الحوادث المرورية في المملكة، خاصة إذا ما علمنا أن العديد من الحوادث المرورية تحدث نتيجة انفجار إطار السيارة وفقاً للعديد من الدراسات المرورية.
 
2 / 4 / 2005م     عدد 11874

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق