ترجمة

ضحايا تتساقط يا مرورنا العزيز

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الوطن قبل عدة أيام (العدد 1637) خبراً مفاده أن حكماً أصدرته المحكمة الجنائية في البحرين بسجن شاب سعودي لمدة خمس سنوات بسبب قيادته لسيارته بسرعة جنونية حيث تسبب ذلك في وفاة خمسة أشخاص، ولذا تم تطبيق عقوبة القتل غير العمد بحقه. كما نشرت صحيفة الرياض (العدد 13015) خبراً مفاده أن الشرطة في فنلندا قد حكمت على أحد الاغنياء بدفع غرامة مالية بلغت مائة وسبعين ألف يورو (813 ألف ريال) بسبب قيادته السيارة بسرعة جنونية داخل المدينة. وأنا اقرأ تلك الاخبار، تبادر إلى ذهني تلك السرعة الجنونية لدينا في كافة الطرق داخل وخارج المدن على حد سواء، دون وجود رادع لذلك ودون أن نلمس تحركا فاعلا من قبل الإدارات المرورية لإيقاف ذلك.
وأنا أقرأ تلك الاخبار تبادر لذهني مسلسل إزهاق الأرواح البريئة في ظل تساهل بعض أولياء الأمور بالسماح لأبنائهم بارتكاب مثل تلك الجرائم اللامسؤولة والنابع من خلل ما في تربية هؤلاء الشباب، وتجاهل ملحوظ من قبل إدارات المرور، وعدم تعامل أمثل من قبل القضاء الشرعي مع مرتكبي الجرائم المرورية.
أليس ظلماً أن نشهد الكثير من الأرواح التي تزهق يومياً نتاجاً للسرعة الجنونية والتي فشلت الإدارات المرورية في الحد منها، ويكفي أن نشير إلى أن عدد الوفيات السنوي لدينا يبلغ حوالي الخمسة آلاف ضحية أي ما يزيد على الخمس عشرة ضحية كل يوم، وقد اشارت الدراسات إلى أن عنصر السرعة يمثل السبب الرئيسي في وقوع تلك الحوادث المرورية المميتة، حيث تسببت السرعة في حدوث61% من تلك الحوادث، مما يعني بأن القضاء على الحوادث المرورية والتي ظللنا نعاني من ويلاتها سنوات طويلة إنما يكون من خلال تركيز جهود الإدارات المرورية في القضاء على ظاهرة السرعة. وفي ظني أن الإدارة الحالية للمرور مطالبة من قبل الجميع بالقضاء على ظاهرة السرعة خاصة في ظل وضوح المشكلة وسهولة طرح الحلول المناسبة لها وتطبيقها.
إنني أتساءل حقاً عن أسباب فشل الإدارات المرورية في القضاء على ظاهرة السرعة!! ولماذا تعجز تلك الإدارات عن السيطرة على المستهترين من الشباب على الرغم من وضوح وخطورة مخالفاتهم المرورية.. نعم، لماذا يسمح لهم بالسير بسرعة تفوق المائة وأربعين كيلومتراً بالساعة في الكثير من الطرق الرئيسية داخل المدن وأمام أنظار رجال المرور دون أن يعنيهم الأمر، وهم يدركون أن الحوادث المميتة هي نتاج لتلك السرعة.
صدقوني لقد طفح الكيل ونحن نشهد بشكل يومي تلك الأعداد الكبيرة من جنائز أقربائنا وأصدقائنا الذين هم ضحايا للحوادث المرورية الناتجة عن السرعة الجنونية، وليعلم الإخوة منسوبو الإدارات المرورية أنهم مسؤولون أمام الله ثم امام المجتمع إزاء تفشي تلك الفوضى المرورية الناتجة عن السرعة والتي تسببت في قتل الكثير من الضحايا والأبرياء، وإنني أدعوهم إلى تطبيق مختلف العقوبات الرادعة وعلى الجميع من أجل التصدي لذلك.
أخيراً، أتألم كثيرا عندما أرى قيام رجال المرور بتدوين المخالفات المرورية (المالية) بحق ذلك السائق الذي لم يربط الحزام وذلك بشكل خفي، ودون ان يعلم السائق بذلك وكأن القصد من ذلك هو جمع أكبر قدر من المال لخزينة المرور، وليس تثقيف السائق مرورياً ويزيد ألمي عندما أرى ذلك التجاهل التام من قبل نفس رجل المرور تجاه العشرات من سائقي السيارات الذين يسيرون بسرعة جنونية داخل طرقات المدينة، خاصة إذا ما علمنا أن الأضرار الناتجة عن عدم ربط الحزام تقتصر على نفس السائق فقط في حين تصل الأضرار الناتجة عن السرعة للغير وإلحاق الضرر بهم وبأرواحهم وأجسادهم وممتلكاتهم.
9 / 4 / 2005م       عدد 11881

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق