ترجمة

وماذا بعد ظهور نظام البيع بالتقسيط؟

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
قرر مجلس الوزراء الموقر خلال جلسة الأسبوع الماضي الموافقة على مشروع نظام البيع بالتقسيط والذي تم الرفع به من قبل وزارة التجارة والصناعة، وقد جاء الخبر متضمناً ان من أبرز ملامح هذا النظام قصر مزاولة عمليات البيع بالتقسيط على الشركات والمؤسسات المرخص لها من قبل الوزارة، كما جاء مشترطاً على المشتري بالتقسيط أن يقدم للبائع رهناً او كفالة غرم إلى ان يتم سداد كامل الاقساط.
من الملاحظ أن ظاهرة الشراء عن طريق التقسيط وإن كانت توحي بجدواها الإيجابية على الشخص المشتري إلا أنها تحمل داخل طياتها العديد من الجوانب السلبية والتي يتأثر بها هؤلاء المشترون، ولذا فإننا نتمنى ان يتضمن النظام الجديد مواد توفر الحماية للمشترين بالتقسيط وذلك في مواجهة جشع بعض شركات البيع بالتقسيط.
نتمنى مع صدور نظام البيع بالتقسيط الجديد أن تركز وزارة التجارة على السياسات الدعائية المتبعة من قبل شركات التقسيط والتي توحي بتوفير كل ما يحتاجه المشتري من سلع ودون أن يدفع مبالغ عند الشراء إضافة إلى الاقساط المريحة للسداد مع إيهامه بتحميله عمولة قليلة جداً، مما يدفع الكثير من التهافت إلى تلك العمليات التقسيطية المريحة طالما أنها لن تكلفهم سوى القليل خاصة وأن تلك العمليات سوف تجنب المشترين من الدخول في متاهات الفوائد الربوية، والحقيقة أنه في الوقت الذي تعلن فيه شركة التقسيط انها لن تحقق أكثر من 10% نسبة عمولة على البيع بالتقسيط، ولكن في واقع الأمر نجد أن تلك العمولة تبلغ 30% إن لم تتجاوز ذلك، وذلك بسبب غفلة أو تغافل من قبل المشتري في ظل حاجته الملحة لشراء سلعة ما من خلال التقسيط.. وإن ما يفترض أن يدركه الإخوة في وزارة التجارة هو أن عمليات البيع بالتقسيط إنما هي عمليات جاء بها كبار رجال المال والاقتصاد من خلال وضعها في سياسات ذكية ومدروسة بحيث يندفع المشتري معها دون أن يعير أي حساب للعواقب الوخيمة المترتبة على ذلك، وبالتالي كان لزاماً على الوزارة أن تفرض على شركات التقسيط بأن توضح كافة الجوانب التفصيلية للعملية التقسيطية ابتداءً خاصة فيما يتعلق بايضاح نسب العمولة الحقيقية التي يتوجب على المشتري الالتزام بها.
وأن ما يفترض على وزارة التجارة أن تدركه وتتصدى له ايضاً من خلال النظام الجديد ولوائحه التفسيرية ما تقوم به شركات التقسيط من فرض لنسب عمولة على كامل المبلغ طوال مدة التقسيط (والتي قد تصل إلى سنوات)، في الوقت الذي يفترض أن يكون مبلغ العمولة متناقصاً متناقصاً عاماً بعد الآخر نتيجة لسداد المشتري ما عليه من أقساط مستحقة وبصورة منتظمة.ما نتمنى على وزارة التجارة أن تعالجه مع ظهور النظام الجديد للبيع بالتقسيط هو أن الشخص المشتري لا يستطيع الحصول سوى على ثلثي المبلغ الذي يريد اقتراضه ولكن مع هذا نجد أن استغلال شركات التقسيط لظروف الحاجة التي يمر بها الشخص المشتري يصل إلى الزامه بدفع نسبة العمولة على كامل المبلغ وليس على ثلثي المبلغ الذي حصل عليه فعلاً، مما يعني أن المشتري سيقوم بدفع نسب عمولة لشركة التقسيط لقاء مبالغ لم يتسلمها اساساً، ويتضح من ذلك أن شركات التقسيط لم تكتف بالزام المشتري بدفع عمولة على المبلغ الذي استلمه فعلا فقط، وإنما قامت بالزامه ايضا بدفع نسب عمولة عن كامل المبلغ المستلم وغير المستلم منه، وفي ظني أن ذلك لا يمكن قبوله مطلقاً، وبالتالي فإننا نكرر مطالبنا لوزارة التجارة ومع ظهور النظام الجديد للبيع بالتقسيط أن تعمل على حماية حقوق الأفراد من التعسف الذي تقوم به بعض شركات التقسيط من خلال إعلانها عن التسهيلات المزعومة التي تقدمها تلك الشركات.ختاماً نتوجه بالنصح إلى كل من ينظر إلى عملية التقسيط على أنها عملية ذات مردود إيجابي بحت من خلال ما تعلنه شركات التقسيط من توفير العديد من المزايا والتسهيلات بألا يستعجل في اتخاذ قراره باللجوء إلى تلك الشركات إلا بعد إلمام كامل بكل ما قد يترتب على عمليات البيع بالتقسيط من عمولات عالية مما ينعكس على ارتفاع الاقساط الشهرية التي يتوجب عليه دفعها لسنوات طويلة، ولذا فإنني اعتقد أنه يتوجب على من يريد شراء سلعة معينة بسعر يزيد على قدرته المالية أن يلجأ إلى عملية الادخار التدريجي بدلاً من الدخول في متاهات العمليات التقسيطية خاصة وان البنوك الإسلامية وشركات التقسيط الوطنية تفرض على المغترضين عمولات تفوق وللاسف في حجمها تلك الفوائد الربوية التي تفرضها البنوك الأخرى.
16 / 4 / 2005م       عدد 11889

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق