ترجمة

متى ستسددون أيها المقترضون؟


د. محمد بن عبد العزيز الصالح

ما من شك أن السبب الرئيسي الذي جعل الدولة تنشئ الصناديق الإقراضية الحكومية إنما يتمثل في الحرص على توفير مستوى رفاهي أفضل للمواطنين السعوديين من خلال تمويل مشاريعهم الاجتماعية والتنموية.. ومن تلك الصناديق صندوق التنمية العقاري والذي انشئته الدولة بهدف تأمين مستلزمات التعمير والبناء للمواطن، حيث بلغت القروض الميسرة التي قدمها الصندوق للمواطنين أربعمائة وتسعين ألف قرض بمبالغ إجمالية تبلغ مائة وخمسة وثلاثين مليار ريال.

ولابد من الإشارة إلى أن أحد أهم أسباب استمرارية تلك الصناديق الحكومية الإقراضية ومنها (الصندوق العقاري) في تقديمها للقروض إنما يتمثل في قدره وتمكن تلك الصناديق من استرداد المبالغ التي سبق أن تم إقراضها للمواطنين خلال السنوات الماضية، حيث سيتم اللجوء إلى تدوير تلك المبالغ المسددة واستخدامها كقروض جديدة تلبي حاجات المواطنين.

وحرصاً من المسؤولين في الصندوق على دفع المقترضين للوفاء بالتزاماتهم تجاه الصندوق، فقد أعلن الصندوق خلال الأيام القليلة الماضية عن أنه سيتم ربط إصدار وتجديد رخص المرور والسجلات التجارية وطلبات الاستقدام بشهادات تفيد انتظام طالب تلك المعاملات في سداد قرضه من الصندوق.. كما أشار مدير عام الصندوق إلى أنه سيتم البدء في استعادة جميع مبالغ الأقساط المتأخرة لدى بعض المقترضين عن طريق الحسم الشهري من رواتب الموظفين في القطاع العام والقطاع الخاص ورواتب المتقاعدين ومستحقات نهاية الخدمة وأي مستحقات أخرى لدى الدولة.. وقد حرص مدير عام الصندوق على حث المقترضين المتأخرين عن السداد للوفاء بالتزاماتهم تجاه الصندوق والاستفادة من موافقة المقام السامي على خصم 10% من إجمالي المبالغ المتأخرة عليهم إذا تم سدادها قبل نهاية يوم السبت الموافق 26 رمضان المقبل.

وتأتي أهمية تلك الإجراءات الجديدة التي سيسلكها الصندوق إذا علمنا أن عدد طلبات القروض المتراكمة لدى الصندوق تصل إلى أربعمائة ألف طلب، وإذا ما علمنا أن أعداد القروض التي يتم سدادها سنوياً تصل إلى سبعة آلاف قرض فقط، مما يعني أننا نحتاج إلى حوالي ستين سنة حتى يتمكن الصندوق من تلبية الطلبات المتراكمة لديه حالياً، ناهيك عن الطلبات الجديدة التي سيتم تقديمها للمواطنين مستقبلاً.

ختاماً، إن من يتمعّن في عدد القروض الكبيرة وحجم المبالغ الباهظة، التي لم يتم سدادها بعد من قبل بعض المواطنين لصندوق التنمية العقاري وذلك على الرغم من حلول وقت السداد منذ وقت طويل، لا يمكن أن يستوعب، إن مثل تلك التصرفات غير الإسلامية تحدث من قبل شريحة ليست بالقليلة من أبناء هذا الوطن.. ألا يدرك هؤلاء المقترضون بأن مبلغ القرض الذي لم يتم سداده يعتبر بمثابة الدين الذي سيبقى في ذمتهم حتى يتم الوفاء به.. قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُود} وفي الحديث الشريف عن نبي الهدى صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشخص المجاهد في سبيل الله خير وأحب إلى الله، إلا إن كان عليه دين).. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قدمت جنازة للصلاة عليها سأل عما إذا كان عليها دين، فإن قالوا نعم، امتنع أن يصلي عليها، وقال صلوا على صاحبكم.


26 / 3 / 2005م            عدد 11867

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق