ترجمة

مؤسسة التقاعد بين مصلحة المواطن وتعزيز مواردها المالية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
بالاطلاع على الأنظمة التي تسير وفقها المؤسسة العامة للتقاعد، يتضح أن المعاش التقاعدي لا يعتبر بعد وفاة الموظف تركه لكافة الورثة وإنما هو للمستفيدين من ورثته فقط، ولا إشكال في ذلك، حيث قصد المشرع من ذلك تأمين دخل شهري للأشخاص الذين كان يعولهم صاحب المعاش في حياته (كالزوجة والابن والبنت) وضمان أن لا يفقدوا بوفاته الدخل الذي يحتاجون إليه.. إلا أن الجوانب التي أرجو من المشرعين والمسؤولين في المؤسسة العامة للتقاعد ان يأخذوها في الاعتبار تتمثل في تلك القيود والضوابط المجحفة بحق هؤلاء الورثة المستفيدين (الزوجة والابن والبنت) من المعاش التقاعدي والتي غالباً ما تؤدي الى حرمانهم من الاستفادة من حقهم المشروع في الراتب التقاعدي الذي تركه لهم متوفاهم. على الرغم من ان المؤسسة العامة للتقاعد استمرت على امتداد أربعين عاماً تستقطع نسبة ليست بالقليلة من راتب الموظف قبل وفاته.. ولو نظرنا لوضع زوجة الموظف المتوفى، لادركنا بأن نظام التقاعد ينص على استحقاقها لنصيبها في الراتب التقاعدي، ولكن النظام يحرم تلك الزوجة من هذا الحق بمجرد زواجها أو حصولها على فرصة عمل، فلماذا تلك القسوة على تلك الزوجة؟ الم تعاني تلك الزوجة طوال حياتها مع زوجها من قيام المؤسسة باقتطاع جزء من دخلهم الشهري؟ اذاً لماذا يتم حرمانها من حقها المشروع في الراتب التقاعدي لزوجها المتوفى متى ما تزوجت بعد وفاته بعدة أشهر فقط؟ في ظني ان العدالة تقتضي ان يستمر صرف الراتب التقاعدي للزوجة لعدد معين من السنوات حتى لو تزوجت مرة أخرى او ان يتم تحويل حق الزوجة في الراتب التقاعدي لبقية الورثة الآخرين (الابن والبنت)، أما ان تقوم المؤسسة بوقفه تماماً وإحالته لخزنية المؤسسة، فإن ذلك يحتاج الى وقفة ودراسة شرعية وتدخل من أهل العلم الشرعي.
وما قيل عن الزوجة ينطبق أيضاً على الابن والبنت، حيث ينص النظام على حرمان ابن الموظف المتوفى من حقه في الراتب التقاعدي بمجرد التحاقه بفرصة عمل، وكذلك حرمان البنت بمجرد زواجها أو حصولها على فرصة عمل.
ختاماً.. إن على المسؤولين في المؤسسة ان يحيلوا الأمر لأهل الاختصاص الشرعي للوقوف على مدى مشروعية قيام المؤسسة بحرمان أهل الموظف المتوفى من حقهم في الراتب التقاعدي بعد أشهر قليلة من وفاته في الوقت الذي كانت المؤسسة تقتص نسبة ليست بالقليلة من راتب والدهم قبل وفاته وعلى امتداد عقود زمنية طويلة. كما أرجو من المسؤولين في المؤسسة العامة للتقاعد ان يقوموا بإجراء مقارنة بين الانظمة التي تعمل وفقها المؤسسة في هذا الخصوص وبين ما هو معمول به في الكثير من الدول المجاورة وخاصة دولة الكويت، عندها سيلاحظون الفارق الكبير ففي الوقت الذي نجد فيه ان انظمة التقاعد في تلك الدول تركز على حفظ حقوق ورثة الموظف المتوفى حيث تسمح بانتقال نصيب كل منهم للآخر في حال زواجه او حصوله على فرصة عمل او حتى وفاته، نجد ان المؤسسة العامة للتقاعد لدينا لا توجه لوائحها وأنظمتها لمصلحة المواطنين الذين يمرون بتلك الظروف الصعبة، وبما نجد انها تركز توجهاتها وقراراتها لتعزيز الأرصدة المالية للمؤسسة.
5 / 3 / 2005م      عدد  11846

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق