ترجمة

تطوير الخدمات البريدية.. لقد طال الانتظار

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
على الرغم من أن أعداد الخطابات والطرود البريدية التي يتم نقلها بين مناطق ومحافظات المملكة لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جداً من مجموع الخطابات والطرود البريدية التي نقلتها هيئة البريد العامة في بريطانيا بين المدن البريطانية كافة (شاملة إنجلترا وأسكتلندا وويلز وآيرلندا)، وعلى الرغم أيضاً من أن مساحة المملكة (2.25 مليون كيلو متر مربع) لا تشكل سوى ما نسبته (25%) تقريباً من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أن تباعد الولايات والمدن الأمريكية عن بعضها البعض يفوق بأضعاف تباعد مناطق ومحافظات المملكة عن بعضها بعضاً، فعلى الرغم من ذلك نجد أنه في الوقت الذي لا يمكن أن تستغرق عملية إرسال الخطابات والطرود البريدية بين كل المدن البريطانية أو بين الولايات المتحدة الأمريكية مهما بعدت المسافة بينها 24 ساعة فقط، فإننا نجد أن الوضع في المملكة يختلف عن ذلك تماماً حيث إن الوقت الذي يحتاج إليه الإخوة في الهيئة العامة للبريد لدينا لكي يتم نقل رسالة ليس من منطقة لأخرى وإنما من موقع لموقع آخر داخل المدينة الواحدة يستغرق أحياناً عدة أيام قد تطول إلى أسبوع كامل. فلماذا تستغرق عملية نقل خطاب من مكان إلى آخر داخل المملكة كل هذه الفترة الزمنية المبالغ فيها؟ أليست للناس مصالحهم التي تقتضي إيصال إرسالياتهم البريدية خلال مدة زمنية تقل وبكثير عما هو معمول به حالياً؟
أليس كل صاحب صندوق بريدي يدفع رسوماً سنوية عن هذا الصندوق مقابل الخدمة البريدية التي تقدم له؟ أليس كل شخص يبعث بخطاب أو بطرد بريدي يدفع رسوما مالية (رسم الطوابع) بغرض وصول إرساليته في أقصر وقت ممكن؟ أليس الشخص منا يتردد ولأكثر من مرة على صندوق بريده منتظرا وصول رسالته التي طال الانتظار لها دون مبرر؟ أتعلمون أن غالبية المواطنين في المملكة يعملون (بطريق غير مباشر) لدى الهيئة العامة للبريد؛ حيث إننا نذهب لمكاتب البريد لتسلم رسائلنا في الوقت الذي نجد أن ساعي البريد في كل دول العالم هو الذي يتولى إيصالها لمقر الشخص المرسل إليه. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه العملية تستغرق لدينا أضعاف الوقت الذي تستغرقه في دول العالم كافة. فلماذا ندفع في المملكة رسوما مالية سنويا على صندوق البريد على الرغم من أننا نذهب بأنفسنا لتسلم الخطابات الواردة إلينا من مكاتب البريد، في الوقت الذي ينعم كل سكان العالم بوصول خطاباتهم البريدية إلى مواقع سكنهم أو عملهم دون دفع تلك الرسوم المالية.
والتساؤل الذي يتبادر إلى الذهن يتمثل في السبب الذي يمنع الإخوة في الهيئة العامة للبريد من إيصال الخطابات والطرود البريدية إلى مواقع الأشخاص المرسلة إليهم، في السابق كان العذر في صعوبة الوصول لعناوين مواقع الأشخاص المرسل لهم وذلك لعدم وجود ترقيم للمنازل وأسماء للممرات والطرق، أما الآن وقد اكتملت عملية ترقيم كل المباني والمنازل كما تم تسمية كل الطرق والممرات كبيرها وصغيرها في معظم المدن والمحافظات، فما العذر إذاً؟أليست شركة الكهرباء منذ سنوات تتولى إيصال فاتورة الكهرباء لكل مشترك أينما كان موقعه؟ أليست معظم المطاعم تقوم بإيصال الأكل المطلوب للمساكن خلال دقائق وقبل أن يبرد الأكل المطلوب؟ فلماذا إذاً لا تستطيع الهيئة العامة للبريد الاحتذاء بذلك وإيصال الإرساليات البريدية إلى مساكننا؟في ظني أن تسريع وتيرة خصخصة الخدمات البريدية لدينا هو الحل الأمثل لتطوير تلك الخدمات، خاصة أنه قد مضى عدد من السنوات على إقرار مجلس الشورى مبدأ تخصيص مرفق البريد في المملكة. وما من شك فإن خصخصة هذا القطاع لن تؤدي إلى تحسين الخدمات البريدية المقدمة للمواطن فحسب، وإنما سيؤدي ذلك أيضاً إلى خلق عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية لشباب الوطن.    
19 / 3 / 2005م          عدد 11860

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق