ترجمة

خلصوا المجتمع من أمثاله!!


د محمد بن عبد العزيز الصالح

نشرت صحيفة عكاظ في عددها الصادر يوم الأربعاء 18-5-1427هـ (ص 50) خبراً مفاده أن وزارة التجارة قد تلقت بلاغاً من أحد المواطنين عن مؤسسة لتوزيع الأدوية المنتهية الصلاحية. وعند قيام الوزارة مع بعض الجهات ذات العلاقة بمداهمة المؤسسة، كشفت التحقيقات أن تلك المؤسسة تقوم بالتعاقد مع مطابع محلية لإعداد ديباجات (استكرات) جديدة لإعادة بيع الأدوية الفاسدة على الرغم من مخاطرها الصحية، كما كشفت التحقيقات أن المؤسسة تروج تلك الأدوية في أكثر من (300) صيدلية ومستوصف ومحل تجاري في جدة ومكة والمدينة المنورة والطائف والباحة وأبها، وقد كان أصحاب تلك الصيدليات والمستوصفات والمحال التجارية يحصلون على تلك الأدوية المنتهية الصلاحية بسياراتهم الخاصة من فيلا سكنية يتواجد بها عمالة أجنبية تابعين لتلك المؤسسة.

كما كشفت مداهمة تلك الفيلا عن وجود أكثر من مليون عبوة من الأدوية المنتهية الصلاحية، وقد اتضح من تلك الأدوية أن البعض منها لعلاج الكبد الوبائي والإجهاض واللوالب، إضافة لعشرات الألوف من المضادات الحيوية الفاسدة، كما كشفت المداهمة عن وجود نصف مليون مبيد حشري منتهي الصلاحية، وكذلك خمسين ألف عبوة كريمات لتكبير وتصغير الصدر والأرداف، وكذلك على 12 ألف عبوة فازلين فاسدة و4 ملايين استكر تحمل تواريخ جديدة لوضعها على الأدوية المنتهية الصلاحية. وقد كشفت التحقيقات تعاقد تلك المؤسسة مع العديد من الوكلاء التجاريين لشراء الأدوية المنتهية الصلاحية منهم بأسعار رخيصة ومن ثم بيعها على المواطنين بسعر السوق بعد وضع استكرات بتواريخ جديدة عليها.

وأنا أقرأ هذا الخبر الذي يقف له شعر الرأس وتقشعر له الأبدان، أصابتني الحيرة في من أوجه اللوم على ذلك، فهل تلوم حماية المستهلك بوزارة التجارة على انتشار تلك السموم والأدوية الفاسدة والتي بكل تأكيد راح ضحيتها الكثير من الأنفس البريئة، أم إننا نحمل الجهات البلدية مسؤولية ذلك، وهل تشترك وزارة الصحة في مسؤولية ذلك أيضاً.

وإذا كانت كل من وزارة التجارة ووزارة الصحة والأمانات البلدية لا تتردد في تبرئة نفسها من هذا القصور حيث تقوم كل منها بقذف الاتهام على الجهة الأخرى، فإننا نأمل من الجهات العليا تشكيل لجنة تتولى تحديد مسؤوليات كل جهة من تلك الجهات الثلاث بدقة في مواجهة خطر انتشار تلك السموم والأدوية الفاسدة في صيدلياتنا ومحالنا التجارية.

أم أننا نحمل أنظمة مكافحة الغش التجاري مسؤولية إزهاق الكثير من الأنفس البريئة بسبب تعاطي تلك السموم والأدوية منتهية الصلاحية بخاصة في ظل العقوبات المتواضعة التي تتضمنها تلك الأنظمة. فمن أمن العقوبة ارتكب الجرم وأساء الأدب. ولو أن أنظمة مكافحة الغش التجاري تتضمن عقوبات جديرة بالاحترام لما أقدم أمثال هؤلاء المجرمين مثل صاحب المؤسسة وملاك تلك الصيدليات والمحال التجارية والمستوصفات والمطابع على المتاجرة بأرواح البشر من خلال ترويجهم لتلك السموم والأدوية المنتهية الصلاحية. ومع احترامنا للجهد المبذول من قِبل وزارة التجارة ومجلس الشورى الذي نتج عنه زيادة العقوبات التي يتضمنها النظام بحق مرتكبي جرائم الغش التجاري، إلا أنني أعتقد أن تلك العقوبات ما زالت عاجزة عن التصدي للبعض من التجار عديمي الذمم والذين لا يترددون في المتاجرة بأرواح البشر من أجل زيادة تلك الأرباح القذرة التي يحققونها.

ألا يمكن اعتبار صاحب تلك المؤسسة الذي سمح لنفسه بترويج مليون عبوة دواء فاسدة في عدد من مناطق المملكة، ألا يمكن اعتباره من المفسدين في الأرض الذين يفترض قتلهم وتخليص المجتمع منهم. مع إنزال أشد العقوبات الأخرى كالتشهير والسجن والجلد والغرامات المالية في حدودها القصوى على كل من يثبت تورطه في تلك العملية القذرة من أصحاب الوكالات التجارية والصيدليات والمحال التجارية والمستوصفات والمطابع المتعاونة وغيرها.

وللمعلومية فإن عدداً من الدول مثل الصين لا تتردد في قتل وإعدام كل من يمارس جريمة الغش التجاري وبخاصة عندما يؤدي ذلك للإضرار بحياة الناس.

ومن خلال هذه الزاوية فإنني وباسم الآلاف من المواطنين المتضررين من ترويج تلك السموم والأدوية المنتهية الصلاحية نناشد خادم الحرمين الشريفين بالاهتمام شخصياً بهذه القضية بعد أن عجزت الأجهزة المعنية عن التصدي لمثل تلك الجرائم الإنسانية التي راح ضحيتها الآلاف من الأنفس البريئة.

24 / 6 / 2006م              عدد 12322

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق