ترجمة

المواطنون أولى من البنوك يا هيئة السوق

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
كان من ضمن التوجيهات التي وجَّه بها خادم الحرمين الشريفين من أجل إعادة السوق لوضعه الطبيعي المتناسب مع القاعدة المتينه التي يتمتع بها اقتصادنا الوطني، هو توجيهه - حفظه الله - لهيئة سوق المال بأن تعيد النظر في حجم العمولة التي تفرضها البنوك على المتداولين والمقدر بواحد ونصف في الألف (0.0015) من قيمة الصفقة، وقد قصد خادم الحرمين الشريفين من هذا التوجيه تخفيف الأعباء على المواطنين الذين تأثّروا بتقلُّبات السوق في الفترة الماضية. وقد استبشر الجميع بهذا التوجيه، إلاّ أنّ المتداولين في السوق قد استغربوا من قرار هيئة سوق المال القاضي بتخفيض نسبة العمولة بما نسبته (20%) فقط لتصبح نسبة العمولة المفروضة واحد واثنين في الألف (0.0012) من قيمة الصفقة، وإذا كان معالي محافظ هيئة سوق المال المكلَّف الدكتور عبدالرحمن التويجري قد أوضح بأنّ الهدف من هذا التخفيض هو تخفيض تكلفة التداول على المتداولين، وكذلك حصول الوسطاء (البنوك) على عوائد مناسبة، فإنّني أؤكد بأنّ هذا التخفيض (20%) الذي أقرّته الهيئة لا يحقق ما أوضحه معاليه. وقد كان الجميع يتوقّع تخفيض العمولة إلى 50% على أقل تقدير. إنّ ما يجعلنا نطالب الهيئة بخفض أكبر لعمولة التداول وتخفيف العبء على المتداولين، هو عدم وجود ما يبرّر للبنوك أن تفرض تلك النسبة العالية. فالخدمات التي تقدمها البنوك للمتداولين لا تبرِّر فرض تلك المبالغ الضخمة عليهم كنسب عمولة على التداول .. ثم كيف يسمح للبنوك أن تفرض نسب عمولة عالية على المتداولين الذين يقومون بتنفيذ عمليات بيع وشراء الأسهم من منازلهم الكترونياً من خلال الإنترنت؟.أنّ ما يجعلنا نطالب هيئة سوق المال بمزيد من خفض نسب العمولة التي تفرضها البنوك على المتداولين في السوق، هو أنّ أعداد المتداولين في السوق لم يعد كما كان في السابق (عام 2001م) قصراً على خمسين ألف متداول، وإنّما نجد أنّه قد وصل أعداد المتداولين حالياً إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون من المتداولين، كما أنّ حجم التداول اليومي لم يعد يبلغ المليار ريال سنوياً كما كان قبل أربعة اعوام، وإنّما يصل حجم التداولات اليومية حالياً الى عشرات المليارات من الريالات مما يعني تضاعف ما تحققه البنوك من ارباح. والأمر الآخر الذي يجب ان يوضع في الاعتبار من قِبل القائمين على هيئة سوق المال هو أنّ هوس المضاربة قد سيطر على غالبية المتداولين في السوق صغاراً وكباراً مما أدى إلى ضحامة الأموال التي يتم تدويلها في السوق يومياً، مما يعني ضخامة ما تقتطعه البنوك من عمولات، وبالتالي اصبح لزاماً ان يتم تخفيض أكبر في نسبة عمولة التداول.
معالي محافظ الهيئة
أخي الدكتور عبد الرحمن التويجري، الجميع متفائل بقدومكم للهيئة، وما تميُّز سيرتكم الأكاديمية والعملية، ألا شاهد على كفاءتكم، ولذا فالجميع يتطلّع إلى قيامكم باتخاذ مزيد من الخطوات المدروسة الكفيلة بإعادة الثقة للسوق، ونتمنى ان تتوجّه الهيئة إلى اتخاذ المزيد من خفض نسبة عمولة التداول بحيث يتم قصرها على المشترين فقط دون البائعين وذلك على غرار ما هو معمول به في قطاع العقار.
وصدقني يا معالي الدكتور ان خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لا يتردّد في اتخاذ أي قرار يصب في صالح المواطنين، وفي ظني أنّ قيام الهيئة بمزيد من التخفيض في نسبة العملة سيصب في صالح المواطنين، ولن يترتب على ذلك سوى نقص بسيط من حجم الأموال الطائلة التي تحققها البنوك من فرض تلك العمولة المبالَغ فيها والتي تجاوز حجمها الستة مليارات ريال خلال العام الماضي 2005م، كما تجاوز حجمها ثلاثة مليارات ونصف المليار من الريالات حتى نهاية شهر ابريل من العام الجاري 2006م.
10 / 6 / 2006م               عدد 12308

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق