ترجمة

تبرع الاتصالات وسلبية القطاع الخاص

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
حصلت وزارة الصحة على دعم مادي قدره مائة مليون ريال من شركة الاتصالات السعودية مقابل بناء وتجهيز وتأثيث نحو 28 مركزاً صحياً حيث أطلقت شركة الاتصالات على هذا البرنامج اسم (برنامج الوفاء الصحي).
وقد ذكرت الصحف أن تلك المبادرة تعتبر الأولى من نوعها التي يبادر فيها القطاع الخاص بهذا الحجم الكبير من الدعم المادي.
وفي الوقت الذي نقدر ونشكر شركة الاتصالات (مجلس إدارة ومساهمين) على هذا التبرع السخي، حيث إن جميع المساهمين قد أسهموا في هذا التبرع كل بحسب ما يملكه من أسهم الشركة. إلا أن الأمر المستغرب هو ما ذهبت إليه الصحف بنسب هذا التبرع السخي للقطاع الخاص، فإذا ما علمنا بأن الدولة تملك 70% من رأس مال شركة الاتصالات السعودية وإذا ما علمنا بأن شريحة كبيرة من المواطنين من محدودي الدخل يملكون الكثير من أسهم الشركة التي تم تخصيصها لهم عند طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام إضافة لذلك فإن ملكية الكثير من أسهم شركة الاتصالات تعود إلى صناديق البنوك التي يعود ملكية غالبيتها إلى شريحة كبيرة من المواطنين، وبعد هذا كله كيف يقال بأن هذا التبرع مقدم من قِبل القطاع الخاص.
القطاع الخاص في هذا البلد عودنا على السلبية المتناهية سواء مع الدولة أو مع المواطنين، والقطاع الخاص هو أخر من يفكر بالإسهام في دعم المشروعات الصحية والخيرية، وقد أكدت التجارب التي تمر بها الدولة مدى سلبية هذا القطاع.
الدولة أيها السادة لم تقصر في تقديم مختلف أوجه الدعم الذي يحتاجه القطاع سواء من حيث تقديم مختلف أنواع القروض الحسنة لها، أو من حيث عدم فرض ضرائب عالية على الأرباح التي تحققها الشركات والمؤسسات وذلك على غرار ما هو معمول به في كافة دول العالم. فشركات القطاع الخاص لدينا لا تدفع سوى نسبة الزكاة فقط، ولكن الجميع يعلم بأن الكثير من شركات القطاع الخاص لا تدفع نسبة الزكاة سوى على رأس المال المسجل فقط وليس على رأس المال الحقيقي ما يعني أن تلك الشركات لا تدفع سوى جزء يسير جداً من المبالغ التي يفترض أن تقوم بدفعها.
والسؤال المطروح، إلى متى سيظل كبار التجار وكبرى المؤسسات والشركات الوطنية لدينا مضربين عن الإسهام في مختلف المناشط الإنسانية والخيرية التي تعود بالنفع على بعض المواطنين من محدودي الدخل. وطالما أن الوضع بهذه السلبية من قِبل هذا القطاع، ألم يأتِ الوقت الذي يفترض أن تدرس فيه الجهات ذات العلاقة بفرض ضرائب على أرباح تلك الشركات بحيث يتم توجيه مردود تلك الضرائب في مشروعات تعود بالنفع لكافة المواطنين.
17 / 6 / 2006م          عدد 12315

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق