ترجمة

خافوا الله في أنفسكم يا صغار المتداولين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
يعرف عن الإنسان الصغير عمراً بأنه غير ناضج وغير مدرك للكثير من التصرفات التي يقوم بها، وبالتالي فهو غير مسؤول عن ما يقوم به من تصرفات. وفي سوق الأسهم نجد الكثير من المتداولين البالغين والكبيرين عمراً ولكن للأسف نجد أنهم يقومون بالكثير من عمليات البيع والشراء غير المسؤولة وذات المخاطر الكبيرة. فكيف نفسر تهافت هؤلاء الصغار المتداولين على شراء أسهم شركة تبلغ خسائرها بالملايين ومع ذلك يصعد سهمها إلى زيادات فلكية خلال أشهر قليلة. ألا يمكن تصنيف هؤلاء المتداولين على أنهم صغار في نضجهم الاستثماري وصغار في قدرتهم على صنع القرار السليم بالشراء أو البيع.
خافوا الله في أنفسكم أيها الصغار من المتداولين، ولا أقصد بصغار المتداولين هنا أصحاب الأموال المحدودة والمحافظ الصغيرة، فكثرة أموال الشخص أو قلتها لا يفترض أن يزيد من قيمة الشخص أو يقلل من قدره، وإنّما المقصود بصغار المتداولين هنا هم المتداولون الذين لا يدركون مخاطر ما يقومون به من عمليات بيع وشراء في سوق الأسهم.
فالمتداول الذي لا يتردد في شراء أسهم شركة غارقة في الديون، ولا أصول مجدية لها هو من صغار المتداولين.
والمتداول الذي يتجاهل الخسائر الحقيقية التي تتضمنها ميزانية الشركة المعلنة كل ثلاثة أشهر ويبني قرار شرائه لأسهم تلك الشركات على إشاعات مفبركة هو من صغار المتداولين.
والمتداول الذي لا يزال يلجأ للاقتراض وتسهيلات البنوك بهدف شراء أسهم شركات تتفاقم خسائرها سنة بعد الأخرى هو من صغار المتداولين.
الأمر المحزن هو أن بعض صغار المتداولين لا يكتفون بإضاعة أموالهم الخاصة بشراء أسهم الشركات الخاسرة وإنما نجد أنهم يديرون أموال أناس آخرين ضعفاء وثقوا بهم، فما ذنب هؤلاء الضعفاء الذين تضيع أموالهم بسبب هؤلاء الصغار من المتداولين.
المؤلم أن هؤلاء الصغار لم يتعلموا من الدرس القاسي والنزول الحاد الذي تعرّض له السوق خلال الفترة الماضية وخاصة في أسهم الشركات الخاسرة. في السابق وعندما هبط السوق هبوطاً حاداً كان يمكن أن نوجد لكم عذرا بقلة الوعي ومحدودية التجربة وعدم الإلمام بآليات السوق، أما اليوم فلن يكون لكم عذر.
وصدقوني لو تعرّض السوق لنكسة أخرى فلن يتعاطف أحد معكم كما حدث في السابق ولن تستجيب هيئة السوق لمطالبكم وتوسُّلاتكم عندما تأتي الفأس في الرأس. ففي السابق كان السبب في خسارتكم هو (جهلكم)، أما لو خسرتم اليوم فسيكون السبب هو (تجاهلكم)، وشتان بين الجهل والتجاهل.
1/7/2006م               عدد  12329

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق