ترجمة

القصيبي وعمل المرأة



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

أحسن مجلس الوزراء الموقر صنعاً عندما أصدر قراره رقم (120) وتاريخ 22-5- 1426هـ القاضي بقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية وذلك خلال عام واحد بالنسبة لمحلات بيع الملابس الداخلية وعامين بالنسبة لمحلات بيع العباءات والملابس النسائية الجاهزة. لقد جاء هذا القرار لمجلس الوزراء عميقاً في مضمونه وأبعاده ودلالاته، حيث جاء حاسماً للجدل الاجتماعي والاقتصادي غير المبرر حول عمل المرأة في تلك المحلات. لقد جاء هذا القرار مؤنباً لمجتمعنا الذي تمادى في هضم حق المرأة سنوات طويلة بحرمانها من فرص العمل الشريفة المتاحة لها في تلك المحلات، وتقديم تلك الفرصة لعمالة رجالية أجنبية (بل غير مسلمة في كثير من الأحيان)؛ ما ترتب على ذلك زيادة حدة الحاجة والفقر لدى الكثير من بيوت الأسر السعودية. كما جاء هذا القرار المهم لمجلس الوزراء منصفاً للمواطن الغيور على أهله وبنات بلده، كما جاء هذا القرار داعماً لملف السعودة الذي حقق فيه معالي الدكتور غازي القصيبي الكثير من النجاحات على الرغم من تعدد العقبات التي تعرض لها معاليه. وأخيراً جاء قرار مجلس الوزراء مؤكداً على حرص القيادة على توفير فرص العمل المناسبة لجميع أبناء وبنات الوطن. وإنني والله لأتعجب من سكوتنا وسماحنا طوال السنوات الماضية لرجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية لأمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا وأخواتنا، وصدقوني إنني لم أتوصل إلى قناعة أو تفسير منطقي لسكوتنا على ذلك طوال السنوات الماضية، فلا عاداتنا الاجتماعية ولا قيمنا ومبادئنا الدينية تجعلنا نرضى بأن يتولى بيع الملابس الداخلية لأهلنا رجال أجانب وغير مسلمين قد يصعب التأكد من أخلاقياتهم. وإذا كان لدى البعض شيء من التخوف من أن يؤدي هذا القرار إلى فتح المجال للاختلاط بين النساء والرجال فإنني أعتقد أن مثل هذا القول مردود عليه حيث إن الوضع المتبع حالياً من خلال تواجد الباعة من الرجال في محلات بيع المستلزمات النسائية هو ما قد يؤدي للاختلاط.

وإضافة إلى الأهمية الدينية والاجتماعية القصوى في عملية إحلال السيدات السعوديات بدلاً من الرجال الأجانب في جميع محلات بيع الملابس النسائية، فإن من الأهمية التأكيد أيضاً على الاعتبارات الاقتصادية التي سنجنيها من ذلك القرار، حيث سيترتب على ذلك إيجاد مزيد من فرص العمل الشريفة للمواطنات السعوديات وعدم قصر إسهامهن على الجوانب التعليمية فقط.. أيضاً فإن مثل هذا القرار سيدفع بالعديد من بنات وزوجات رجال الأعمال في هذا المجال والعاملات في سلك التعليم إلى ترك الوظائف التعليمية والتفرغ للعمل في تجارة آبائهن وأزواجهن؛ ما قد يسهم في إتاحة الوظائف التعليمية لمن يحتاجها فعلاً من الفتيات العاطلات عن العمل. كما تأتي أهمية هذا القرار في حقيقة مفادها أن هناك الكثير من الأسر التي حكمت عليها الظروف ألا يكون لها أب أو أبناء وبالتالي فإن اعتماد تلك الأسر في معيشتها سوف يكون بعد الله سبحانه وتعالى على ما تحصل عليه الفتاة كعائد مالي من تلك الوظيفة.

لو كنت وزيراً للعمل:

- لو كنت وزيراً للعمل لما ترددت أن أضع هذا القرار لمجلس الوزراء محلاً للتنفيذ الفعلي من أول يوم يطبق فيه بتاريخ 22-5-1427هـ، على أن يشتمل التطبيق على جميع المحلات المستهدفة دون استثناء، وأن أصدر قرارا بإغلاق أي محل لا يطبق هذا القرار فوراً.

- لو كنت وزير للعمل، لما ترددت يوماً أن أعقد اجتماعاً مع هيئة كبار العلماء أو مع بعض أصحاب الفضيلة العلماء مثل سماحة المفتي وسماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى وغيرهما من أصحاب الفضيلة الذين نجلهم ونقدر عملهم وأن أوضح لفضيلتهم جميع الأبعاد الشرعية والاجتماعية والاقتصادية لتطبيق هذا القرار.

 

6 / 5 / 2006م               عدد 12273

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق