ترجمة

أبو متعب وتأكيد النمط الادخاري للمواطن السعودي


د. محمد بن عبد العزيز الصالح

من الظواهر السلبية المستشرية لدى أعداد ليست قليلة من مواطني هذا البلد ذلك السلوك التبذيري والإسرافي .. فنحن شعبٌ مسرفٌ .. مسرفٌ في ولائمه، مسرفٌ في سفره، مسرفٌ في اقتناء حاجته ولوازمه، وعلى الرغم من خطورة ذلك السلوك الإسرافي لدى كثير منا، فإنّنا لا نجد ذلك الاهتمام المطلوب لهذا الجانب من قِبل مختلف الجهات ذات العلاقة على الرغم من المخاطر الجمّة التي قد تترتّب على ذلك ليست على المواطن السعودي فحسب، وإنّما على حجم الادخار العام للدولة أيضاً.

إنّ من الجوانب الهامة التي يتوجّب على المواطن السعودي أخذها في الاعتبار الاستفادة من التجربة التي مرّت بها حكومتنا الرشيدة، فعندما انخفضت مداخيل الدولة السنوية من عوائد البترول، إضافة إلى ما واجه الاقتصاد السعودي من تحدّيات وذلك كنتاج طبيعي لتلك المتغيِّرات التي شهدها الاقتصاد العالمي، نجد أنّ الدولة لم تتردّد في انتهاج سلوك ترشيدي في الإنفاق ولعدد من السنوات، وذلك رغبة من الدولة في إنهاء العجز الذي تعاني منه الموازنة العامة ومن ثم الاستمرارية في توفير الحياة الآمنة التي تعوّد عليها المواطن السعودي.

إنّ الحديث عن الموازنة العامة للدولة ونجاح السياسات المالية العامة المتّبعة وخاصة الترشيدية منها في السير بهذه الموازنة إلى بر الأمان، يدفعنا إلى الحديث عن الميزانية الخاصة لكلِّ شخص منا. إنّ ما دفعني إلى إثارة هذا الموضوع هو انتشار العديد من التصرُّفات غير المسؤولة التي تصدر من قِبل بعض الأفراد والمتمثّلة في الإسراف والتمادي في الإنفاق الاستهلاكي، وخاصة في الجوانب الكمالية، دون أن يكون هناك توازن بين حجم ذلك الإنفاق الاستهلاكي من جهة، وبين مستوى الدخل لدى هؤلاء الأفراد من جهة أخرى.

إنّ عدم الإسراف والعمل على ترشيد الإنفاق لا يقتصر على كونه مطلباً اقتصادياً واجتماعياً، وإنّما يتجاوز ذلك إلى كونه مطلباً دينياً. وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم كتابه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.

وفي هذا الخصوص يجدر بنا الإشادة بالتقدير والعرفان بمكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما وجّه - حفظه الله - بإنشاء صندوق استمثاري سيتم تخصيصه لذوي الدخل المحدود من المواطنين، وقد وجّه - حفظه الله - بأنّ المواطن المشترك في هذا الصندوق ستتاح له فرصة المشاركة في أرباحه المحققة، وفي حالة خسارة الصندوق فإنّ الدولة ستحفظ أموالهم. وبكلِّ تأكيد فإنّ تلك المكرمة التي تفضّل بها أبو متعب والتي تُعَد امتداداً لمكارمه المتعدِّدة إنّما هي تأكيد للنهج الاستثماري والسلوك الادخاري والذي يرغب - حفظه الله - في تأصيله لدى المواطن السعودي.

كما أنّ مكرمة خادم الحرمين الشريفين بإنشاء هذا الصندوق، إنّما هي رسالة واضحة لكافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة بأن تتبنّى إنشاء بعض الصناديق والبرامج الكفيلة بتأصيل السلوك الاستثماري والادخاري لدى المواطنين، وذلك على غرار ما تقوم به شركة أرامكو، حيث أحسنت الشركة في وضع برامج ادخار بين موظفيها وذلك لبناء المساكن والفلل لهم وتوصيلهم ببرامج البنوك الخاصة للادخار لأنفسهم وأطفالهم لمدد زمنية معيّنة كفيلة بصنع مستقبل أكثر إشراقاً للأُسرة السعودية.

 

20 / 5 / 2006م                     عدد  12287

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق