ترجمة

أرواحنا غالية يا وزير الإعلام

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت إحدى الصحف السعودية يوم الأحد الماضي (29-3-1426هـ) إعلاناً تجارياً لمركز الهاشمي للتداوي بالأعشاب الطبيعية، حيث تضمن الإعلان أن الدكتور محمد الهاشمي وهو رئيس المركز قد تمكن من معالجة الكثير من الحالات المرضية المستعصية والتي عجز عنها الطب الحديث، ومن الأمراض التي يؤكد الدكتور الهاشمي على قدرته على معالجتها من خلال الطب البديل (المستحضرات الطبية والأعشاب الطبيعية وغيرها) كل من أمراض السرطان بكافة أنواعه، جميع أمراض الكبد، الأمراض الجلدية، الأمراض النفسية، آلام المفاصل، التشنج، انفصام الشخصية، التوحد، البهاق والبرص، النزيف المستمر، اسقاط الجنين، العقم، الضعف الجنسي، وغيرها الكثير من الأمراض التي يؤكد الدكتور الهاشمي قدرته وتمكنه من معالجتها من خلال ما يقوم بإعداده من أعشاب طبيعية.
وبعد نشر هذا الإعلان التجاري بيومين (الثلاثاء 2-4-1426هـ) نشرت صحيفة (الجزيرة) تصريحاً للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور خالد المرغلاني أكد فيه أن ما قام الدكتور الهاشمي به من نشر لذلك الإعلان إنما يعد تحدياً لوزارة الصحة والتي سبق أن حذرت التعامل معه لعدم استناده إلى أسس علمية، وتؤكد وزارة الصحة من خلال متحدثها الرسمي أن الخلطات العشبية والطبيعية التي يقوم الهاشمي بتحضيرها وبيعها للمرضى غير آمنة وقد تتسبب في مضاعفات خطيرة، وأن طريقة تحضيرها غير خاضعة للرقابة ومعايير الجودة، وتؤكد وزارة الصحة أن الدكتور الهاشمي يستغل حاجة المصابين بأمراض مستعصية، كما يؤكد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة أن الدكتور الهاشمي غير صادق فيما يصرح به لوسائل الإعلام من أن خلطاته الطبيعية مجازة ومرخصة من وزارة الصحة وان ذلك يخالف الواقع تماماً.
وبعد أن قرأت ذلك الإعلان التجاري للدكتور الهاشمي وكذلك التصريح الرسمي لوزارة الصحة على ما جاء في ذلك الإعلان، تبادر إلى ذهني الكثير من الإعلانات التجارية المنشورة في صحفنا والتي تلمّع أشخاصاً يدعون انتماءهم لمهنة الطب وهم منها براء، وكذلك الكثير من الإعلانات الخاصة ببعض المستحضرات الطبية والتجميلية والأعشاب الطبيعية والتي لا ترتكز مكوناتها إلى أي أسس علمية، مما تسبب في ازهاق وقتل الكثير من المرضى بسبب انجراف الكثير منهم لشراء واستخدام تلك الأعشاب والمستحضرات المغشوشة، وذلك بسبب تلك الإعلانات التجارية المخادعة والبعيدة عن المصداقية.
إنني أتساءل عن الجهة المسؤولة عن انتشار تلك الإعلانات وما تتضمنه من عدم مصداقية سواء من خلال إبراز أطباء مزيفين أو من خلال إشهار خلطات ومستحضرات طبية وتجميلية تفتك بمن يتعاطاها بدلاً من أن تشفيه.
وقد يقول قائل إن مسؤولية نشر تلك الإعلانات تتحلها وزارة الصحة بحكم أن الوزارة هي الجهة المعنية بكل ما يتعلق بالأدوية والمستحضرات الطبية والتجميلية، إلا أنني أؤكد أننا لا يمكن أن نحمل وزارة الصحة مسؤولية نشر تلك الإعلانات المخادعة، فوزارة الصحة ليست لها سلطة مباشرة على الصحف وبالتالي ليس لها صلاحية منع أي صحيفة من نشر أي إعلان. وأود أن أشير في هذا الخصوص إلى أن صحيفة (الجزيرة) وفي عددها الصادر يوم الخميس الموافق 8 رجب 1422هـ قد نشرت بياناً صادراً عن وزارة الصحة مفاده أن وزارة الصحة غير مسؤولة عما ينشر في وسائل الإعلام من إعلانات تجارية لتلك الأعشاب والمستحضرات الطبية، حيث أكدت الوزارة في بيانها أن تلك المستحضرات والأعشاب تفتقر إلى الدراسات العلمية الموثقة.
ليسمح لنا معالي الأستاذ إياد مدني وزير الإعلام - وبما عرف عنه من رحابة صدر- أن نحمل وزارته المسؤولية عما ينشر في وسائل الإعلام من إعلانات تجارية لتلك المستحضرات العلاجية والتجميلية والأعشاب الطبيعية والتي تتضمن في طياتها الكثير من الغش والخداع خاصة أن نظام مهنة الصيادلة والاتجار بالأدوية والمستحضرات الطبية الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 335 وتاريخ 7-3-1398 نص في مادته الحادية والخمسين على أنه: (يجب الحصول على موافقة لجنة تسجيل الأدوية بوزارة الصحة على نصوص البيانات والنشرات والإعلانات ووسائلها قبل النشر للتأكد من أنها تتفق مع ما تحتويه المستحضرات الطبية من مواد ومن خواص علاجية).
وبالتالي فإنني عندما أتوجه باللوم لوزارة الإعلام ونحملها المسؤولية تجاه انتشار مثل تلك الإعلانات المخادعة في صحفنا المحلية، فإنني انطلق في ذلك من حقيقة مفادها أن وزارة الإعلام هي الجهة صاحبة السلطة المباشرة على الصحف، وبالتالي فإن الوزارة ملزمة بالتعميم على كافة الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى بعدم نشر أي إعلانات طبية إلا بعد المصادقة عليها من قبل الجهة المختصة بوزارة الصحة، مع التأكيد على أهمية محاسبة الصحيفة التي لا تلتزم بتلك التعليمات.
معالي وزير الإعلام.. أرواحنا غالية ولا نريد إزهاق بعض تلك الأرواح بسبب انجراف البعض منا للعلاج عند أشخاص دخلاء على مهنة الطب يدعون قدرتهم على علاج كافة الأمراض، أو بسبب استخدام أعشاب ومستحضرات طبية وتجميلية مغشوشة، وذلك بسبب إعلانات تجارية مخادعة وبعيدة عن المصداقية.
14 / 5 / 2005م      عدد 11916
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق