ترجمة

أيهما أكثر: قتلى الحوادث أم شهداء الانتفاضة؟



د/ محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الجمعة 9 شوال 1423هـ خبراً ينص على ما يأتي: (استقبل كل من جامع الراجحي بالربوة وجامع الأمير عبدالله بن محمد بعتيقة خلال شهر رمضان الماضي عدداً هائلاً من الجنائز بلغ ما مجموعه ستمائة وست جنائز (606) كان معظمها بسبب حوادث المرور تشتمل على عوائل لعدم التركيز أو التجاوز الخاطئ أو السرعة المتهورة)، وإزاء صدمتي وهلعي بما تضمنه هذا الخبر سألت نفسي، هل يعقل أن يبلغ حجم ضحايانا من أبنائنا وذوينا بسبب حوادثنا (بل جرائمنا) المرورية في مدينة واحدة أكثر من ستمائة قتيل في الشهر.
وهل يعقل أن يصلَّى في مسجدين فقط على أكثر من عشرين جنازة يوميا من أقربائنا وأحبابنا نتيجة الجهل المروري لدى فئة منا والاستهتار بأنظمة المرور لدى فئة أخرى، وغض النظر والتجاهل لدى فئة أخرى، وتربية غير مسؤولة لدى البعض من الأباء والأمهات لشباب مستهتر يمثل خطورة متناهية على أرواح الناس، وفشل مؤسسات التعليم في إعداد البرامج التربوية المرورية للطلاب، وتجاهل غير مبرر من قبل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بعدم نشر الوعي المروري ومتطلبات السلامة المرورية، وقبل ذلك كله فشل ذريع للعاملين في الإدارة العامة للمرور، وكذا إدارات المرور الفرعية من خلال عجزهم عن الحد من الكثير من الممارسات المرورية الخاطئة لفئة مستهترة من الشباب حتى أصبحنا نشهدها بشكل يومي في مختلف المدن والمحافظات.
وليسمح لي الاخوة منسوبو الإدارات المرورية بالاستفسارات التالية:
- ما هو سبب فشلهم في الحد من الحوادث المرورية؟
- ولماذا هم عاجزون عن السيطرة على المستهرين من الشباب على الرغم من وضوح وخطورة مخالفاتهم المرورية؟
- ولماذا يتم تجاوز الإشارات المرورية من قبل المستهترين أمام أنظار الجميع بما فيهم رجال المرور دون تحريك ساكن؟
- ولماذا لا يحرك رجال المرور ساكناً إزاء انتشار السيارات التي لا تحمل لوحات وتكون التظليلة على كافة زجاج السيارة بما فيها الأمامية علماً بأن تلك السيارات ترتكب مختلف المخالفات المرورية؟
- ولماذا يسمح لبعض المستهترين بالسير بسرعة تفوق المائة والأربعين كيلو متراً في الساعة في الكثير من الطرق الرئيسية داخل المدينة وأمام أنظار رجال المرور دون أن يعنيهم الأمر وهم يدركون أن الحوادث المميتة هي نتاج لتلك السرعة.
لقد طفح الكيل ونحن نشهد بشكل يومي تلك الأعداد الكبيرة من جنائز أقربائنا وأصدقائنا الذين هم ضحايا للحوادث المرورية الناتجة عن السرعة الجنونية والممارسات الرعناء لفئة مستهترة من الشباب أصبحت تتعامل مع السيارات على أنها أداة قتل وليس أداة نقل.
وليعلم الاخوة منسوبو الإدارات المرورية بأنهم مسؤولون أمام الله وأمام ولاة الأمر وأمام المجتمع بأمله إزاء تفشي الفوضى المرورية في كافة طرقنا في ظل فشل متناهٍ في السيطرة على تلك الفوضى التي تسببت في قتل الكثير من الضحايا والأبرياء.
وليعلم الجميع أن الفشل في القضاء على ما نشهده من فوضى مرورية قد أدى إلى أن أصبحت أعداد الموتى من تلك الحوادث تفوق أعداد شهداء الانتفاضة الفلسطينية، حيث إن أْعداد شهداء الانتفاضة السنوي يبلغ سبعمائة وخمسين شهيداً في السنة الكاملة في حين أن قتلى الحوادث المرورية لدينا تجاوز الستمائة ضحية في مدينة واحدة في الشهر الواحد أي ما يعادل عشرة أضعاف شهداء الانتفاضة كل عام.
 
11/1/2003م               عدد 11062
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق