ترجمة

إلى متى سكوتنا عن المجازر المرورية!!!



صدرت أخيراً إحصاءات حكومية تشير إلى أن عدد الحوادث المرورية التي حدثت في المملكة خلال شهر يناير فقط من العام الجاري 2016م يبلغ 45443 حادثاً، وذلك بمعدل يومي يبلغ 1515 حادثاً مرورياً، وكشفت تلك الإحصاءات أن نحو 9% من أصحاب هذه الحوادث تعرض للإصابة أو للوفاة، وذلك بمعدل 24 حالة وفاة في اليوم الواحد, وهو ما يعادل 725 حالة وفاة خلال شهر واحد و8700 حالة وفاة في العام الواحد, هذا إضافة إلى الخسائر الاقتصادية الجسيمة التي يتكبدها الوطن والأسرة على حد سواء.
أعزائي القراء، في عام 1428هـ، ومن خلال هذه الزاوية، كتبت مقالاً أشرت فيه إلى إحصائية صادرة عن الأمن العام أظهرت بأن عدد المتوفين من الحوادث المرورية في اليوم الواحد يبلغ (17) متوفياً، وهو ما يعادل (525) ضحيه شهرياً, و6300 ضحية في السنة, وبمقارنة تلك الإحصاءات الصادرة عام 1428هـ, بإحصائية العام الحالي 1436هـ, نجد بأن ضحايا الحوادث المرورية قد زاد حالياً بمقدار (2400) ضحية أي بزيادة نسبتها 40% تقريباً.
وأنا أقراء تلك الأرقام المرعبة من أعداد الوفيات التي نفقدها يومياً بسبب تلك المجازر المرورية، وكذلك الإصابات البليغة التي تنتهي كثير منها بالوفاة، إضافة إلى ما يسببه ذلك من معاناة اجتماعية وأسرية واقتصادية, يتبادر للذهن تساؤلات عدة منها: هل يعقل أن تستمر تلك المجازر المرورية لدينا, وعلى امتداد عقود زمنية على الرغم من تغيير القيادات والإدارات التي تولت إدارات المرور من وقت لآخر؟ ولماذا فشلت كل تلك الإدارات التي تعاقبت على الإشراف على جهاز المرور في الحد من ضحايا الحوادث المرورية؟ ثم هل يعقل أن تزيد ضحايا الحوادث المرورية نسبة 40% خلال 9 سنوات في الوقت الذي لم تتردد الدولة في تقديم مختلف أنواع الدعم اللازم لجهاز المرور بهدف الحد من الحوادث المرورية؟
في ظني إننا لو سألنا أحد أطفالنا عن الأسباب المؤدية إلى تزايد الحوادث المرورية المروعة لدينا، لبادر بالقول إن تجاوز السرعة المحدودة، وقطع الإشارات المرورية، والانشغال بجهاز الجوال إنما تمثل أهم الأسباب المؤدية لتلك المجازر المرورية.
وتساؤلي هنا, هل يعقل أن جميع الإدارات التي تعاقبت على جهاز المرور لم تتمكن من معرفة أن تلك الأسباب الثلاثة هي المؤدية فعلاً إلى وقوع الحوادث المرورية القاتلة!!!, وإذا كان بعض من تلك الإدارات قد استطاعت أن تشخص المشكلة وتتعرف على تلك الأسباب، فهل يعقل أن جميعها عجزت عن إيجاد الحلول المناسبة للقضاء أو على الأقل الحد من تلك المجازر المرورية على امتداد عدد من العقود الزمنية.
متى سيدرك الإخوة العاملون في جهاز المرور بأن القضاء على الحوادث المرورية لم يعد يحتاج إلى إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث أو عقد الندوات عن الحوادث المرورية, كما أننا لم نعد بحاجة إلى مزيد من الكتابات الصحفية حول هذا الموضوع.
إنني أؤكد هنا أن الإدارات المرورية لدينا على علم واطلاع تام بكل الحلول القابلة للتنفيذ والكفيلة بالقضاء على ظاهرة المجازر المرورية لدينا, ولكن بكل أسف لا ترغب في تطبيقها لأسباب لا يعلمها سوى المسؤولون في تلك الإدارات المرورية, وإنني من خلال هذه الزاوية أدعو كبار المسؤولين في وزارة الداخلية إلى مناقشة (بل ومساءلة) المسؤولين في جهاز المرور عن عدم تطبيقهم لعشرات العقوبات والحلول (كالسجن والغرامات المالية وخصم النقاط وسحب السيارات) المتوفرة لديهم في اللوائح والأنظمة التي سبق أن أقرها المقام السامي، وإنني والله لأجزم بأن التطبيق السليم لتلك العقوبات كفيل بالقضاء على ظاهرة المجازر المرورية.
متى سيدرك الإخوة في جهاز المرور بأن ضحايا الحوادث المرورية (8700 سنوياً) والتي فشلوا في القضاء عليها أو حتى مجرد الحد منها باتت تزيد عن ضحايا الحروب, ومتى سيتم اعتبار قطع الإشارة والسرعة الجنونية على إنها جرائم جنائية وليست مجرد مخالفات مرورية.

                  الجزيرة في 29/2/2016م العدد 15859

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق