ترجمة

جشع المؤجرين وحسرة المستأجرين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 دخل إلى مكتبي أحد الموظفين العاملين في الإدارة التي أعمل بها وعلامات الحسرة تغطي وجهه، سألته عن سبب ذلك، فأجابني أنه يسكن في شقة مؤجرة، وان مالك الشقة قد قرر فجأة رفع الإيجار السنوي عليه بنسبة 40% حيث إنه يدفع إيجاراً قدره (18000) ريال وسيتم رفعه إلى (30000) ريال.
وبعد انصراف ذلك الموظف من مكتبي، سألت نفسي، هل يعقل أن تبلغ الفوضى لدينا إلى الدرجة التي يفاجأ بها المواطن بأن عليه أن يدفع (40%) زيادة سنوية في إيجار مسكنه، أو أن يتم طرده إلى الشارع. وإزاء أهمية هذا الموضوع لشريحة كبيرة من المواطنين، إذا ما علمنا بأن (22%) فقط من السعوديين يملكون وحدات سكنية أما البقية (78%) فهم مستأجرون (وذلك وفق ما صدر عن الملتقى الدولي للبنوك والاستثمار 2007م)، لذا فإنني سأتحدث اليوم عن عددٍ من الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع.
فهل يُعقل أن الجهات الرقابية وعلى وجه الخصوص إدارة مكافحة الغش التجاري بوزارة التجارة تقف موقف المتفرج إزاء تلك المغالاة والارتفاعات غير المنطقية في إيجارات الشقق والمساكن. وبكل تأكيد لو أن هذه الإدارة تقوم بواجبها بمتابعة ومراقبة المغالين من أصحاب العقارات والشقق، لما تجرأوا إلى مضاعفة تلك المبالغ الإيجارية المبالغ فيها والتي يفرضونها على المواطن بشكل سنوي. ولو أن هذه الإدارة تقوم بواجبها بمراقبة الارتفاعات السعرية غير المبررة في أسعار مواد البناء من الحديد والأسمنت والمواد الصحية والكهربائية وغيرها لما تشجع أصحاب العقار على رفع إيجارات تلك الشقق بشكل مبالغ فيه.
لا نريد أن نسمع من وزارة التجارة تبريراتها حول قلة القوى البشرية العاملة في تلك الإدارة أو محدودية الإمكانات المادية المتاحة لها. فقد يكون أن نسمع ذلك قبل عشرين عاماً وكان من الأولى بالوزارة أن تحرص على خصخصة قطاع حماية المستهلك منذ سنوات، وأن يتم الرفع للجهات العليا بطلب خصخصة هذا القطاع ومن ثم فصله عن الوزارة وإعادة هيكلته وتقديم مختلف أوجه الدعم البشري والمادي له، وذلك بدلاً من وقوف الوزارة طوال السنوات الماضية موقف المتفرج إزاء انتشار كافة أوجه الغش التجاري في أسواقنا، حيث عانى المواطن وما زال يعاني من ذلك دون حسيب أو رقيب. كما أنني أتعجب من غياب المرجعية النظامية التي يمكن أن تقضي على جشع بعض أصحاب العقارات. ففي الوقت الذي نجد فيه أن إحدى الدول الخليجية سبق أن أصدرت قانوناً تقضي أحكامه بمنع المؤجر من زيادة مبلغ الإيجار بأكثر من (10%) سنوياً. كما أصدرت إمارة دبي قراراً يحدد الزيادة السنوية للإيجارات بما لا يتجاوز 7%، أما لدينا فلا نجد أنظمة تحد من جشع بعض أصحاب العقارات الذين يفرضون نسباً عالية سنوياً على عقود الإيجار السكني، لا يعاني منها سوى المواطن المغلوب على أمره. كما أنني أتساءل هنا عن متى ستقوم البنوك بدور فاعل في مجال تمليك المواطنين لوحدات سكنية بدلاً من تلك المبالغ الإيجارية المبالغ فيها والتي يدفعها المواطنون. فالبنوك تستطيع أن تقوم بدعم برامج التمويل العقارية عن طريق تقديم القروض المناسبة لدخول المواطنين، مع أهمية تنظيم وضمان تلك القروض العقارية من قِبل الجهات التشريعية.
وأخيراً إلى متى ستستمر الأمانات البلدية بالعمل بأنظمة البناء الحالية التي تفرض بناء أدوار محددة. في ظني أن السماح للعقاريين بزيادة الأدوار سيؤدي إلى زيادة الوحدات السكنية المتاحة، مما يعني خفض الإيجارات السنوية التي أنهكت جيوب المواطنين.
12 / 5 / 2007م        عدد 12644

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق