ترجمة

الفحص الدوري للسيارات: احتكار وسوء خدمة

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 ما من شك أن احتكار تقديم الخدمة على مؤسسة أو شركة واحدة ليس في صالح تلك الخدمة، وما من شك أن المستفيدين من تقديم تلك الخدمة لن يحصلوا عليها بالمستوى المطلوب طالما انعدم عنصر المنافسة بين المقدمين لتلك الخدمة.
وطالما سيطر على مقدمها شعور السيطرة على السوق وعدم المنافسة من قبل الغير، مما جعله لا يعمل على تطوير تلك الخدمة ناهيك عن عدم اكتراثه لمدى رضا المستفيدين منها. وأفضل مثال على ذلك مستوى خدمات الاتصالات وذلك قبل وبعد دخول شركة موبايلي كمنافس لشركة الاتصالات السعودية في تقديم الخدمة.
هذه المقدمة تقودنا إلى الإمعان في خدمات الفحص الدوري للسيارات والمحتكر تقديمها في كافة مناطق المملكة على مؤسسة واحدة وذلك على النحو التالي:
- هناك مؤسسة واحدة تحتكر تقديم خدمات الفحص الدوري للسيارات في كافة مناطق ومحافظات المملكة منذ سنوات طويلة. وإذا ما علمنا بأن أعداد السيارات في المملكة يبلغ الملايين من السيارات، وأن الرسم المقرر للفحص على السيارة هو مائة ريال، فذلك يعني حصول تلك المؤسسة على مئات الملايين من الريالات كل ثلاث سنوات، حيث إن كل سيارة ملزمة بإجراء الفحص الدوري عند تجديد الاستمارة كل ثلاث سنوات أو عند نقل الملكية.
وطالما أن الدولة أعطت تلك المؤسسة ميزة احتكار السوق السعودي في كافة المناطق دون وجود منافسين لها، لذا كان من الأجدى على تلك المؤسسة أن ترد الجميل للدولة من خلال العمل على راحة المواطن وتقديم خدمات الفحص لسيارته بأقل عناء وجهد، وهذا ما ليس مشاهداً. وما يؤكد ذلك أن أقسام المرور التي تقوم بتجديد ملكية الاستمارة وكذلك إجراءات نقل الملكية منتشرة في كافة مناطق ومحافظات المملكة، في حين أننا لا نجد تواجداً لمراكز الفحص الدوري للسيارات في الكثير من المحافظات مما يضطر أهل تلك المحافظات إلى تكبد عناء السفر لمسافات طويلة قد تصل إلى مائة كيلومتر من أجل الوصول لمركز الفحص في محافظة أخرى. وفي ذلك مشقة غير مبررة على المواطنين ولو كان هناك مؤسسات منافسة تقدم الخدمة أيضاً لما تجاهلت مؤسسة الفحص الدوري تلك المعاناة للمواطنين طوال السنوات الماضية، وبالتالي لما ترددت في إنشاء مركز فحص في كل محافظة يتواجد بها قسم المرور.
- هناك تلاعب واضح ومشاهد أمام الجميع من قبل ورش تم إنشاؤها بالقرب من مراكز الفحص، حيث تقوم تلك الورش بتأمين قطع الغيار اللازمة بشكل مؤقت حتى يتم نجاح الفحص للسيارات ثم يتم إرجاعها. مما يعني عدم تحقيق الهدف المرجو من الفحص واقتصار النتيجة على مزيد من الأرباح لمركز الفحص الدوري ولتلك الورش، فأين دور الجهات الرقابية من تلك الفوضى التي لا يعاني منها سوى الوطن والمواطن؟.
- الغرض من الفحص الدوري للسيارات هو التأكد من أن السيارات التي تسير في الشوارع مؤهلة فنياً وبيئياً، والملاحظ أن هناك أعداداً ليست بالقليلة من السيارات الخردة التي نشاهدها يومياً وليست مؤهلة فنياً للسير في الشوارع ناهيك عما تخرجه تلك السيارات من كربون ضار بصحة المارة في الطرق. فأين مركز الفحص الدوري من ذلك؟.
- الملاحظ في عدد من المحافظات أن أقسام المرور التي تم إنشاؤها بجوار مراكز الفحص الدوي للسيارات يقتصر عملها على عملية الختم والتصديق على شهادة الفحص الدوري، والمفترض أن تقوم تلك الأقسام بإجراءات تجديد الاستمارة ونقل الملكية أيضاً حيث سيؤدي ذلك إلى إراحة المواطنين من خلال عدم تنقلهم إلى أقسام المرور المختلفة في محافظات أخرى.
 
ختاماً، أعود وأؤكد أن حكر وتقديم خدمة الفحص الدوري للسيارات على مؤسسة واحدة في كافة أرجاء المملكة دون منافسة هو ما أسهم في تدني مستوى خدمات الفحص. فلماذا لا تفتح أمام جميع.؟
ولماذا لا تطرح في منافسات عامة لكل منطقة على حدة؟ ولماذا لا تُتاح الفرصة لوكالات السيارات ولبعض الورش المؤهلة للمشاركة في تقديم تلك الخدمة دون قصرها على مؤسسة واحدة في كافة أرجاء المملكة.
27 / 5 / 2007م                عدد 12659
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق