ترجمة

أنانية البعض والثمن الذي تدفعه الدولة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشر عدد من الصحف خلال الأيام القليلة الماضية أخباراً مفادها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة الرياض قد أدت إلى امتلاء نفق تقاطع العمارية بطريق القصيم حيث وصل منسوب المياه لأكثر من مترين من المياه داخل النفق مما أدى إلى غرق عدد من السيارات.
وقد أكد معالي وزير النقل د. جبارة الصريصري أن سبب امتلاء النفق بمياه الأمطار يرجع إلى إغلاق مجاري الأمطار من قبل بعض أصحاب المخططات العقارية مما أدى إلى تجمع المياه في هذا النفق.
وقد قدر اقتصاديون الأضرار التي تكبدتها الدولة من جراء تلك الأمطار بحوالي مائتي مليون ريال، إضافة إلى إلحاق الكثير من الأضرار الجسيمة بعدد من القطاعات الاقتصادية والتجارية.
وأنا أقرأ تلك الأخبار المخجلة، تبادر إلى الذهن اعتبارات عدة منها:
1- إذا كنا قد تكبدنا خسائر تصل لمئات الملايين من الريالات من جراء سقوط أمطار غزيرة لساعات معدودة، فكيف سيكون الحال لو استمرت تلك الأمطار لعدد من الأيام والأسابيع كما هو الحال في كثير من دول العالم.
2- إذا كان تجار العقار قد حققوا ملايين الريالات من تجارتهم في تلك المخططات العقارية، فلماذا تصل أنانية البعض منهم إلى الدرجة التي تسمح لهم أنفسهم بإغلاق مجاري الأمطار من خلال قيامهم بدفن الشعب والأودية في تلك المخططات على الرغم من كونها وسط مدينة الرياض؟
لقد سمح جشع البعض منهم بعدم احترام الأودية والشعاب حيث قاموا بدفن تلك الأودية ناكرين المعروف لهذا الوطن وأهله.
لقد تسببت تلك القلة من تجار العقار من خلال تصرفاتهم اللامسؤولة في تحمل الدولة لخسائر مالية كبيرة تصل لمئات الملايين من الريالات لإصلاح الأضرار التي ترتبت على ذلك.
كما تسببت تلك التصرفات الحمقاء في إلحاق الضرر بالأهالي الساكنين في تلك الأحياء السكنية.
وقد نتذكر كيف أن أهالي أحد الأحياء بمدينة الرياض لم يتمكنوا من الخروج من منازلهم بسبب الأمطار التي هطلت قبل عامين إلا بمساعدة فرق الدفاع المدني. وما من شك أن أنانية بعض تجار العقار من خلال دفن الأودية والشعاب في مخططات ذلك الحي قد أدت إلى الإضرار بأهالي ذلك الحي. ولم تنته المشكلة إلا بعد أن تدخلت الدولة وتكبدت دفع الملايين من الريالات لتصريف تلك السيول.
وفي هذا الخصوص يجدر الإشادة بشركة الرياض للتعمير على احترامها لكافة الأودية والشعاب في مخطط «هلال الرياض» حيث لم تلجأ الشركة إلى دفن تلك الأودية في المخططات التي قامت بالبناء عليها.
3- لماذا نجد التقصير من أجهزة الدولة المعنية من خلال سماحها بتخطيط تلك المخططات العقارية وبيعها دون احترام لتلك الشعاب، لقد كان من المفترض ألا يتم إعطاء التراخيص لبناء تلك المخططات دون أخذ تلك الشعاب في الاعتبار.
وكان من الضروري فرض احترام الأودية والشعاب «مجاري المياه الطبيعية» على ملاك المخططات العقارية عند تخطيطها.
ختاماً، وحتى نتدارك مثل تلك الأحداث المخجلة والتي تكبدت بسببها الدولة والمواطنون الكثير من الأضرار، أود أن أقترح ما يلي:
أ- أهمية قيام الجهات الحكومية المعنية بإيقاف المتعدين على الشعاب والأودية تماماً وفرض العقوبات الرادعة لكل من تسوّل له نفسه بذلك من تجار العقار المتسببين في ذلك.
ب - على كل من أمانة مدينة الرياض والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض البدء عاجلاً بدراسة النتائج والأضرار التي قد تترتب فيما لو استمر هطول الأمطار لعدد من الأيام وكيفية الحد من تلك الأضرار. وإذا كانت الدولة قد تكبدت مئات الملايين جراء استمرار تلك الأمطار لساعات فكيف سيكون الحال لو استمرت لأيام أو أسابيع كما هو الحال في الكثير من دول العالم؟
ويظل السؤال الأهم: إلى متى ستستمر أنانية وجشع البعض وإلى متى ستستمر الدولة تعاني وتتكبد الخسائر المالية الكبيرة من جراء أنانية هذا البعض؟
3 / 1 / 2004م            عدد 11419
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق