ترجمة

دوامان في دوام يا معالي الوزير

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تنتشر مراكز الرعاية الصحية الأولية في كافة مناطق ومحافظات المملكة حيث يصل تعدادها إلى «1790» مركزاً، يعمل بها قرابة الأربعين ألف موظف وموظفة في مختلف الوظائف الطبية والفنية والإدارية. وبالنظر إلى أوقات فترات دوام وعمل تلك المراكز، نجد انها ملزمة بالعمل على فترتين صباحية ومسائية وذلك خلاف بقية المستشفيات الحكومية الأخرى التي تعمل لفترة واحدة.
والسؤال المطروح هنا، أليس بالإمكان ان يكون عمل تلك المراكز الصحية لفترة واحدة في اليوم بدلاً من فترتين؟ فإذا كانت تلك المراكز والمستوصفات الحكومية في السابق تعمل لفترتين، فقد يكون السبب في ذلك ان غالبية من كان يعمل في تلك المستوصفات هم من غير السعوديين الذين لا يوجد لديهم الكثير من الارتباطات الأسرية والاجتماعية، أما اليوم فنجد ان الكثير من السعوديين والسعوديات بدأوا يشغلون مختلف الوظائف الفنية والإدارية في تلك المراكز. وفي ظني انه من الأهمية ان يتم مراعاة الظروف الأسرية والاجتماعية للعاملين في تلك المراكز وذلك على غرار ما قامت به البنوك عندما اختصرت دوام الفترتين ليصبح فترة واحدة. إضافة إلى ذلك، فإن استمرار عمل تلك المراكز الصحية على فترتين انما يمثل اضاعة لوقت العاملين في التنقل لأربع مرات بين سكن الموظف ومقر المركز، إضافة للتكلفة الاقتصادية من خلال استهلاك السيارة وتكلفة الوقود، حيث يعد ذلك أعباء اقتصادية سيتحملها موظفو وموظفات تلك المراكز، وبالتالي فإننا نتفق جميعا على ان الزام العاملين السعوديين والسعوديات العاملين في تلك المراكز لفترتين صباحية ومسائية دون وجود حوافز مالية لهم انما يمثل ارهاقا وتكلفة لهم مما قد ينعكس سلبا على أدائهم في خدمة المواطنين المرضى من مرتادي المراكز الصحية.
إننا لو نظرنا إلى دوام المستشفيات الحكومية، لأدركنا انها تعمل جميعا لفترة واحدة في اليوم، ومع ذلك فلم نشهد تذمرا من المواطنين من ذلك أو مطالبات بأن يكون عملها على فترتين، وبالتالي فإن استمرار عمل تلك المراكز الصحية على فترتين سيؤدي إلى كثرة مطالبات العاملين بها بالانتقال للمستشفيات الحكومية أو القطاع الخاص هروبا من هذا الوضع.
خلاصة الكلام، من الأهمية ألا يقتصر اهتمامنا على المواطن متلقي الخدمة الصحية فقط وإنما يجب ان يشمل هذا الاهتمام المواطن مقدم تلك الخدمات الصحية أيضاً، وما من شك ان تخفيف معاناة العاملين بالمراكز الصحية من خلال اختصار فترتي العمل إلى فترة واحدة مطولة إنما يمثل أهم جوانب هذا الاهتمام، وما لم يتم ذلك فإن البديل الآخران يتم زيادة البدلات والمكافآت المالية التي يتقاضونها هؤلاء العمال بالمراكز الصحية.
معالي وزير الصحة..
وأنت تحقق النجاحات المتلاحقة منذ تولي معاليكم حقيبة الوزارة وبشهادة الجميع، لا نملك سوى الدعاء لمعاليكم بالتوفيق.
وان تستمروا على هذه الوتيرة من الإبداع والتميز، ونحن على يقين بأن الموضوع المطروح في هذه المقالة، هو على أجندة معاليكم لأنكم خير من يدرك أن البيئة السليمة والارتياح النفسي للعاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية انما يمثل العنصر الأهم في تقديم الخدمات الصحية الجيدة لمواطني هذا البلد، وهو ما يحرص معاليكم على تحقيقه.
10 / 1 / 2004م           عدد 11426

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق