ترجمة

فئة غالية علينا متى سنهتم بها؟




من وقت لآخر ألتقي بعض الإخوة ممن لديهم أبناء أو بنات مصابون بمرض التوحد، وفي كل مرة يدور الحديث معهم حول معاناتهم من قلة الفرص التعليمية والتدريبية والوظيفية المتاحة لأبنائهم وبناتهم المصابين بهذا المرض. فعلى الرغم من أن وطننا الغالي لا يشكو من قلة الموارد المالية، وعلى الرغم من حرص حكومتنا الرشيدة -أعزها الله- على تقديم الدعم اللازم لكافة المحتاجين من مرضى ومعاقين وغيرهم، وأشير في هذا الخصوص لتلك الجهود الجبارة التي تقوم بها جمعية الأطفال المعوقين، وعلى الرغم من الازدياد الملحوظ في أعداد الأطفال المصابين بمرض التوحد، لم يحصلوا على الاهتمام الذي يستحقونه، فلا مدارس خاصة بهم، ولا معاهد تدريب ولا مراكز متخصصة متاحة لهم؛ مما يعيق انخراطهم في المجتمع. وبالتالي، فإنه وبدلاً من تأهيلهم وتهيئتهم التهيئة المناسبة لخدمة هذا الوطن، نجد أن تجاهلهم وعدم توفير المدارس والمراكز التدريبية المناسبة لهم، ومن ثم عدم توفير الفرص الوظيفية والعملية المناسبة لهم يجعلنا نتخوف من أن تكون تلك الإعاقة التي يعانون منها سبباً في أن يكونوا عالة على المجتمع. علينا أن ندرك أن أعداد المصابين بهذا الاضطراب تزداد يوماً بعد يوم، وعلينا أن ندرك أن المصابين بهذا الاضطراب هم من ذوي القدرات والمواهب العالية، والذين لا يختلفون إلا في ضعف التواصل الاجتماعي والذي يمكن تجاوزه بدمجهم بعد تعلمهم في هذه المدارس والمراكز المتخصصة. وعلينا أن ندرك أن المدارس العامة يصعب عليها تفهم المشكلة التي يعاني منها هؤلاء الأطفال؛ مما يضطر معه أولياء أمورهم إلى تجرع مرارة تدريسهم في مدارس تشمل جميع الإعاقات بما فيها الإعاقات الفكرية. وعلينا أن ندرك أن العديد من الدول الأخرى والتي تقل عنا في إمكاناتها ومواردها قد خصصت المدارس والمراكز التدريسية والكليات الجامعية التي تناسب قدرات مرضى التوحد فتم تعليمهم وتدريبهم، وعلينا أن ندرك أن تشجيع ودعم القطاع الخاص لإنشاء المدارس والمراكز والكليات المتخصصة برعاية وتعليم وتدريب المصابين بمرض التوحد سيكون أكثر جدوى اقتصادية مقارنة بالأموال الطائلة التي تدفعها الدولة للكثير من المراكز الموجودة في بعض الدول المجاورة. ختاماً، ومن خلال هذه الزاوية أطالب أصحاب القرار في وطننا الغالي بأن يعملوا على تخفيف معاناة هؤلاء الأبناء والبنات وأولياء أمورهم. وأقترح في هذا الخصوص أن يتم تشكيل لجنة عليا من كل من وزارة التربية والتعليم، وزارة المالية، وزارة الخدمة المدنية، وزارة الصحة والمؤسسة العامة للتدريب التقني بحيث تقوم اللجنة بدراسة كافة احتياجات مرضى التوحد من المدارس والكليات الجامعية الخاصة بهم والمراكز التدريبية المتخصصة وصولاً إلى تهيئة الفرص الوظيفية المناسبة لهم في القطاعين الحكومي والأهلي على حدٍ سواء.

الجزيرة – العدد 16286 / في 1/5/2017م
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق