ترجمة

قبلات العيد وأنفلونزا الخنازير



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

في الوقت الذي نجد فيه أن الدولة قد أجلت بدء الدراسة وذلك حرصاً على صحة وسلامة الطلبة والطالبات حيث سيحد ذلك من انتقال فيروس إنفلونزا الخنازير، وعلى الرغم من الجهود المشكورة والحملات التوعوية التي تقوم بها وزارة الصحة للحد من انتشار هذا المرض، إلا أننا في نفس الوقت نترقب طلة عيد الفطر وما سيحمله إلينا من قبلات وعناق بين المهنئين ستكون مرتعاً خصباً لانتقال الرذاذ المؤذي لمرض إنفلونزا الخنازير .
كل مجتمع له عاداته وتقاليده، ومن العادات المنتشرة لدينا كسعوديين والتي أتمنى أن نتخلص منها عاجلاً هي عادة التقبيل أثناء مصافحة الرجال لبعضهم البعض أو النساء لبعضهن البعض.
فالرجل منا عندما يصافح قريباً له أو يصديقاً له لم يمض على رؤيته سوى أيام قليلة تجده لا يتردد في الاسترسال في تقبيل خديه ولمرات عدة، وعندما يتوفى للرجل منا قريب له تجد أن معظم الرجال المعزين ينقضون عليه مبالغين في تقبيل خديه بشكل لا يؤدي سوى إلى زيادة هموم وحزن من يتم تعزيته.
السيئ في الموضوع أيضاً أنه إذا كان البعض يتمتع برائحة فم كريهة ينفر منها القاصي قبل الداني، فما ذنب الآخرين حتى يداعب خدودهم بتلك القبلات المعطرة بتلك الروائح، نعم البعض من الناس يبخس نفسه كثيراً في النظافة فلا ترغب في الاقتراب منه فكيف بتقبيله.
والأكثر بشاعة في الموضوع أن البعض لا يكتفي في طريقة تقبيله بملامسة خده بخد الآخرين، وإنما تجده لا يتردد في غرس (براطمه) في خدود الآخرين وبطريقة مقززة تشمئز لها النفس.
والسؤال هنا: طالما أننا نعيش الخوف من هذا المرض (إنفلونزا الخنازير) وطالما أنه سهل الانتقال من خلال اللمس ورذاذ التنفس، فلماذا إذا نقبل خدود بعضنا عند مصافحتنا لبعضنا البعض، ومن أين استقينا تلك العادة؟
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله، الرجل منا يلقاه أخوه أو صديقه أينحني له، قال: لا، قال أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال أفيأخذ بيده ويصافحه قال: نعم. ما أجمل مصافحة الهنود والباكستانيين والذين يكتفون بحركة معينة باليدين تعبيراً عن التقدير لمن سيتم مصافحته، وما أبسط مصافحة أهالي الدول الغربية والذين يكتفون بمصافحة اليدين دون الخوض في متاهات التقبيل بألوانه وروائحه.
أيضاً من الآثار السلبية لتقبيل الخدود عند المصافحة الجوانب الصحية، فبالإضافة إلى العديد من الأمراض الجلدية والتي قد يتعرض لها الشخص منا بسبب احتكاك بشرة الخدين للمتصافحين والتي يأتي في مقدمتها مرض أنفلونزا الخنازير، نجد بأنه قد صدرت مؤخراً دراسة علمية طبية تحذر من مخاطرة تقبيل الرجال لبعضهم البعض، وتشير هذه الدراسة إلى أن تقبيل الرجال وتلامس خدودهم مع بعضهم البعض قد يؤدي إلى إصابتهم بالفيروسات الكبدية A,B,C والتي تعيش في دم المصاب وهذه الفيروسات مسؤولة عن حالات التليف والقصور في وظائف الكبد التي تصل إلى الإصابة بسرطات الكبد، وقد أوضحت هذه الدراسة بأن حلاقة الدقن تؤدي إلى حدوث خدوش وجروح مرئية في بعض الأحيان وغير مرئية في كثير من الأحيان، مضيفاً أن تلامس الخدود التي توجد فيها الخدوش والجروح ومصدرها شفرات الحلاقة قد تؤدي إلى انتقال فيروس أنفلونزا الخنازير وغيرها من الأمراض المعدية الأخرى وذلك عبر الدم من الشخص المصاب إلى الشخص الآخر السليم.
وبعد هذا كله، هل تتفقون معي بأن علينا أن نهجر تلك العادة المقززة ونستبدلها بعادة أخرى أكثر صحة ونظافة.
مقترحات:
1- توجيه المحافظات والأمانات البلدية بقصر الاحتفالات على الأماكن المفتوحة ومنعها في الصالات المغلقة.
2- قصر السلام والتهنئة بالعيد على المصافحة باليد فقط والحرص على عدم العناق والضم والتقبيل مطلقاً.
الحرص على:
3- غسل اليدين بالماء والصابون بعد مصافحة الآخرين والابتعاد نهائياً عن لمس العين والأنف.
4- وضع لوحات إرشادية في جميع المناسبات يكتب عليها (لأجل صحتك السلام مصافح).
 
20/9/2009م                       عدد 13506

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق