ترجمة

السعودة مطلوبة ولا تقارنونا بدبي



د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أشارت أحدث البيانات الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن أعداد العاطلين السعوديين عن العمل (416350) أربعمائة وستة عشر ألفاً وثلاثمائة وخمسون فرداً وبمعدل بطالة مقداره 9.8% من إجمالي القوة العاملة السعودية، وأنا أتمعن في تلك الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل من السعوديين، أتعجب أنه كلما كان الحديث عن السعودة، وكلما أعلنت وزارة العمل وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة عن توجهات هادفة للحد من أعداد العاطلين عن العمل من السعوديين من خلال إحلالهم بدلاً عن العمالة الأجنبية التي تجاوز أعدادها الملايين والتي ألحقت بوطننا الغالي الكثير من السلبيات الاقتصادية والاجتماعية، أقول كلما حدث ذلك، كلما تعالت أصوات البعض من رجال الأعمال مهددين بنقل تجارتهم وشركاتهم واستثماراتهم إلى إمارة دبي، متعذرين بذلك بأنهم غير ملزمين بتوظيف السعوديين، وأن نقل استثماراتهم لإمارة دبي سيضمن لهم توظيف من يرغبون من العمالة الأجنبية وبالأعداد والنسب التي يرغبونها متناسين في ذلك وللأسف الشديد ما قدمته وتقدمه الدولة لهم من حوافز كانت الأساس في تحقيق تلك الثروات التي باتوا يملكونها ويأتي من أهمها التمويل الكبير الذي قدمته الدولة لهم من خلال قروض حسنة خالية من الفوائد، وكذلك الإعفاءات الضريبية والجمركية المقدمة لهم، وبدلاً من رد الجميل للدولة من خلال توفير بعض فرص العمل لأبناء الوطن، ذهب بعض أصحاب الشركات والمصانع السعوديين بالتهديد بنقل استثماراتهم لإمارة دبي.
وفي هذه الخصوص، فإنني أود أن أشير إلى عدد من المفارقات التي من الأهمية وضعها في الاعتبار عند الحديث عن موضوع سعودة الوظائف من قبل أمثال هؤلاء المستثمرين (وهم قلة)، ومنها:
1- أن عدد السكان في المملكة يبلغ حوالي 24 مليون نسمة، 18 مليون منهم من المواطنين، في حين أن تعداد سكان إمارة دبي قليل جداً حيث يبلغ قرابة ال1.5 مليون نسمة لا يتجاوز عدد المواطنين الإماراتيين عن 25% منهم وهو ما يعادل 200-300 ألف مواطن تقريباً، في حين تبلغ أعداد الجاليات الأجنبية في دبي حوالي 75% حيث يسيطر عليها الجاليتان الهندية والإيرانية وغيرها من الجنسيات الآسيوية الأخرى مما يعني عدم كفاية الأيدي العاملة الإماراتية وضرورة اللجوء إلى العمالة الأجنبية، ولذا، فإنه قد لا يكون من الإنصاف أن نقارن وضع سوق العمل في المملكة بسوق دبي في ظل تلك التركيبة السكانية التي يتشكل منها سكان إمارة دبي.
2- أن فتح الباب على مصراعيه أمام العمالة الأجنبية الوافدة سينعكس سلباً من خلال استيراد الكثير من الممارسات والعادات الاجتماعية والأخلاقية غير المقيدة، بل إن هذا هو ما نشهده منتشراً في جميع أحياء إمارة دبي وهذا لا يمكن أن يتقبله مجتمعنا السعودي المحافظ، وطالما أن شريحة التجار لدينا هي جزء لا يتجزأ من مجتمعنا السعودي المحافظ، فهل يعقل أن يكون لهم رأي آخر في هذا الخصوص، الجواب هو النفي بكل تأكيد، ولكن العجيب في الأمر هو إصرار البعض منهم على إغراق أسواقنا بملايين العمالة الأجنبية التي ستجر معها الكثير مما لا يوائم عادات وقيم مجتمعنا السعودي.

14/9/2009م           عدد  13500

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق