ترجمة

هل ترغبين أن تكوني زوجة أم طبيبة؟!!

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
هاتفني قريب لي قبل عدة أيام مستشيراً عن أي التخصصات العلمية في الجامعة الأكثر مناسبة؛ لكي تدرسها ابنته وتتخصص فيها، فسألته عن النسبة التي حصلت عليها في الثانوية العامة، فقال إنها حاصلة على 99.30% من القسم العلمي من مدرسة حكومية، فقلت له: ألم تفكر في تخصص الطب طالما أنها على هذا المستوى من التميز العلمي؟! فأجابني بأنه وابنته قد فكَّرا في ذلك كثيراً نظرا للمستقبل الجيد لهذا التخصص، فقلت له وما المانع إذاً؟! فقال لي بأنهما وبعد تفكير طويل وجدا بأن على الابنة أن تختار بين أحد أمرين، فإما أن تتخصص في الطب وتسخِّر جل حياتها ووقتها لعملها كطبيبة على أن تضحي بزوج المستقبل وبناء أسرة لها في ظل الساعات الطويلة التي تقضيها الطبيبة في المستشفى إضافة إلى الارتباط المستمر بالمرضى من خلال المناوبات الليلية، وإما أن تتخصص في أي تخصص آخر، ومن ثم تمكينها من أن تعيش مستقبلاً حياتها الزوجية والعائلية بشكل طبيعي. ولذا فضَّل هو وابنته الأخذ بالخيار الثاني مع التضحية بتخصص الطب.
وأمام حديث قريبي والذي اختتمه بخسارة القطاع الطبي في المملكة لفتاة سعودية كانت ستكون طبيبة متميزة خاصة وأن القطاع الطبي لدينا يعاني وبشدة من محدودية الكوادر النسائية السعودية العاملة فيه، تبادر إلى ذهني العديد من التساؤلات والتي أتمنى أن تكون محل اهتمام المختصين عن القطاع الصحي لدينا، ومنها:
أليس بالإمكان أن يتم تركيز عمل الطبيبات السعوديات في المراكز الصحية في الأحياء القريبة من سكنهن وإراحتهن من عناء التنقل أليس بالإمكان أن يتم تركيز عملهن بالمراكز الصحية وإبعادهن عن العمل بالمستشفيات الكبيرة وبالتالي إبعادهن عن دوامة المناوبات الليلية ومتابعة المرضى ليلاً ونهاراً؟ أليس بالإمكان أن يكون عمل المراكز الصحية من السابعة صباحاً وحتى الحادية عشرة ليلاً متواصلاً بحيث يكون على فترتين وبالتالي يختار العاملون والعاملات في المركز الفترة الأكثر مناسبة لهم (إما من السابعة صباحاً وحتى الثالثة عصراً، ومن الثالثة عصراً وحتى الحادية عشرة مساءً)؟ ألن يؤدي ذلك إلى توفير الخدمة الصحية للمواطن خلال معظم ساعات اليوم؟ ألن يؤدي ذلك إلى مراعاة الظروف الأسرية والاجتماعية للعاملين السعوديين في المراكز الصحية وخاصة النساء منهم سواءً كنَّ طبيبات أو في أي عمل صحي أو إداري آخر في المركز؟ ألن يؤدي ذلك إلى قيام المراكز الصحية بتقديم الخدمة الصحية الشاملة للأسرة من واقع متابعتهم الصحية الدقيقة من خلال دورها في معالجة الكثير من الأمراض بحيث يتم تفريغ المستشفيات الرئيسية للعمليات الجراحية والجوانب الصحية المعقدة؟ ألن يؤدي ذلك لتوفير الجهد على المواطن بدلاً من تنقله من المراكز الصحية إلى المستشفيات في كثير من الأحيان بدواعٍ لا تستحق التحويل؟ وأخيراً ألن يؤدي ذلك إلى توفير مئات الآلاف من الوظائف لشباب وفتيات الوطن في مختلف التخصصات الطبية والصحية خاصة وأن العمالة الأجنبية هي التي تسيطر على تلك الوظائف وبنسبة تزيد على الـ 90% منها.
31 /7 / 2004م            عدد 11629

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق