ترجمة

انتشار واستخدام الإنترنت

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 (قصة الإنترنت في المملكة قصة مثيرة تستحق أن تروى وأن تُستوعب) هكذا يقرض معالي الدكتور غازي القصيبي تقديما لكتاب (الإنترنت في المملكة العربية السعودية.. الانتشار والاستخدام) من تأليف سمو الأمير محمد بن سعود بن خالد، والذي يسرد فيه قصة الإنترنت.. نشأة وتطوراً، مبتدئاً بصعوبة تحديد تاريخ معين للإنترنت إلا أنه يعزو هذا التقدم العلمي الى مخترعات سابقة شهدها العالم في الفيزياء والكهرباء والإلكترونيات الحاسوبية والرقمية، وذكر أن الكثير يرون أن فكرة الإنترنت انطلقت من محاولة نقل معلومات بين جهازي حاسوب إلى أن تطورت إلى الحال الذي هي عليه الآن، ويستشهد مؤلفنا على هذا التطور الهائل في النسيج الإلكتروني الدقيق بالاستخدامات المتعددة للإنترنت، كما في المجال العسكري الذي شهد منظومات الأسلحة الإلكترونية وتطبيق التكنولوجيا الحديثة، وكذلك في مجال التجسس والاستخبارات لكون هذه الشبكة ذات قدرات واسعة على جمع المعلومات.
ونظراً لتسارع الكثير من الدول إلى مواكبة التقدم العلمي فقد أورد الكاتب ان المجال السياسي أيضا شهد استخداماً أمثل للإنترنت فيما يعرف بالحكومة الإلكترونية وذلك بتقديم الخدمات للمواطنين عن طريق هذه التقنية الجديدة الأقل كلفة وجهدا، ومن قبيل تلك الخدمات البريد الإلكتروني، الحملات الإلكترونية، المشاركة في الحياة العامة، الدعاية السياسية، المعارضة السياسية.
أما في المجال التجاري فيذكر المؤلف أن تحرر التجارة تزامن مع وجود النوافذ المفتوحة على العالم من خلال الخدمات التجارية الإلكترونية، وأن بعض الدول خطت خطوات جبارة في مجالها الاقتصادي عندما ركنت الى تصدير سلع بتكنولوجيا عالية كالحاسبات الآلية جنبتها الأزمة الاقتصادية التي لحقت باقتصاديات دول أخرى نتيجة اعتماد هذه الأخيرة على إنتاج سلعة استهلاكية تتطلب عمالة كثيرة.
ويضع المؤلف ثلاثة محاور رئيسية كإطار لاستخدامات الإنترنت بالمجال التجاري وهي: من المؤسسة التجارية الى المستهلكين، وبين المؤسسات التجارية، وبين المؤسسات التجارية والحكومة.
ثم عدد بعض مجالات التجارة الإلكترونية ومنها البريد الإلكتروني بين الشركات وفروعها، الدعاية، الإعلان، التسويق، البيع والشراء، تحويل الأموال، التوزيع والنشر، والسياحة، وكل هذه المعاملات التجارية تتم بواسطة الحواسيب المتقدمة نتيجة شبكة الإنترنت، ويذكر أن هذه المعاملات في زيادة مستمرة.
وفي عرض المؤلف لدور الإنترنت في المجالات الأخرى ذكر الدور المتنامي لهذه الشبكة في مجال الاتصالات الهاتفية والتطور الهائل الذي لازم هذا المجال وجعل تكاليفه أقل منها في الطرق التقليدية، كما استعرض دور الإنترنت في المجال التعليمي كحافز مغير في المجتمع، واتجاه معظم دول العالم لوضع البرامج التعليمية الكفيلة بإدخال مجتمعاتها في هذه النهضة العلمية القائمة على عصر تقني متقدم، ويدعو الكاتب ان يكون هذا النهج هو نهج التعليم لدينا لكونه أهم أدوات التغيير في المجتمع المعلوماتي، نظراً لتطور أساليب الإنترنت وتفاعلها السريع مع المتغيرات.
وبعد ذلك البحث الجاد والدقيق في نشأة وتطور الإنترنت المتضمن استخدامات وتأثيرات الإنترنت، واستعراض وضع هذه التقنية في الوطن العربي، يأتي المؤلف على ثقافة الإنترنت بالمملكة ببدايتها رسميا عام 1999م ويعزو هذا التأخير الى جدلية قامت حول سلبيات الإنترنت، حتى صدرت الموافقة الكريمة بإدخال خدمة نقل المعلومات عبر الإنترنت بعد تنظيم البنية التحتية والضوابط الخاصة بهذه الخدمة التي توجد بلا خيار أمام المجتمع، حيث وجدت بإيجابيات كثيرة، وسلبيات توجب معالجتها ونشر الوعي حولها وقد تعددت الاستخدامات بالمملكة لهذه الخدمة بتعدد المستويات، فالمستوى الحكومي يخطو إلى ما يُعرف بالحكومة الإلكترونية، وفي الاستخدام التجاري وجدت التجارة الإلكترونية، والاستخدام الخاص بواسطة الأجهزة الخاصة.
ويذكر المؤلف ان جميع الخطط الوطنية سعت الى رفع مستوى التعليم ومن قبيل ذلك استخدام التقنية الحديثة في التعليم ومراكز البحث والمكتبات والمجال الطبي، وكذلك في المجال الإعلامي من إذاعة وتلفزيون وصحف، وعن الاستخدام التجاري ذكر الكاتب ان طبيعة العمل تتناسب ونمو تقنيات المعلومات والإنترنت، والجهات المعنية تسعى حثيثا لتطوير التجارة الإلكترونية وتناميها داخل المجتمع وذلك بتوفير الأمن والخصوصية اللذين سيكفلان إقبالاً شديداً على البيع والشراء كما هو الحال في أسواق الأسهم حالياً.
وينتهي هذا الكتاب بدراسة ميدانية لاستخدام الإنترنت اعتمدت على قياس توجهات الرأي العام لكونها أهم المؤشرات الأساسية عند صناعة القرار وذلك للتعرف على انطباعات المواطنين حول هذه التقنية.
بحق فإن هذا الكتاب جدير بالاهتمام فقد أدركت فيه رصداً دقيقاً ورؤية موفقة لمستقبل الإنترنت في المملكة العربية السعودية والعالم العربي بشكل عام، فهو يتخذ من الدراسات المنهجية والبحثية قاعدة لطرحه لكونه يتناول مجالاً مهما يمس المجتمع بشكل مباشر، لذلك أدرك المؤلف أهمية موضوعه ولم يتوقف عند سرد حكاية الإنترنت كظاهرة عالمية بل أورد رؤاه الجادة لمعالجة المعضلات الراهنة في الدول النامية أملا في تقدم وتطور تقني يواكب عصر الإنترنت ويحاكي استمراره المطرد.
17 / 4 / 2004م         عدد 11524

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق