ترجمة

المراعي ودعم البحث العلمي

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تزايدت خلال العقود الزمنية الماضية هِجرة العقول والكفآت العلمية المتميزة من عالمنا العربي إلى دول العالم الصناعي المتقدم، حيث قدرت خسارة العرب من جراء ذلك بحوالي النصف ترليون ريال كل سنة. وما من شك أن هناك العديد من الانعكاسات السلبية التي يخلفها هجرة تلك العقول العربية سواء على الجانب الاقتصادي أو التنموي أو الاجتماعي. فهل هَجَرتنا تلك العقول العربية لأننا لم نقدرها ومن ثم لم نُؤمِّن لها الظروف المعيشية والاجتماعية المناسبة، أم لأننا استخسرنا في عالمنا العربي والإسلامي أن ندعم تلك الكفآت ونوفر لها احتياجاتها البحثية مما دفع بها إلى الاستقرار في دول العالم الصناعي المتقدم لأنها وجدت ضالتها من حيث الاهتمام وتوافر مستلزمات البحث العلمي كافة التي تنشدها تلك العقليات العربية المهاجرة.
في ظني أن دول العالم المتقدم وشركاتها العملاقة عندما أقدمت على استقطاب الكفآت العلمية والعقليات المتميزة في عالمنا العربي كانت تدرك أهمية الاستثمار في تلك العقليات، بل كانت تدرك المكاسب الاقتصادية التي ستجنيها اقتصادات تلك الدول من خلال الاستفادة من الانجازات العلمية والبحثية التي حققتها ومازالت تحققها تلك العقليات العربية المهاجرة. فالشركات والمؤسسات الخاصة في تلك الدول لا تتردد في دعم أمثال تلك العقليات لأنها تدرك أن البحث العلمي هو الأساس في نجاح تلك الشركات، بل إنها تمثل إضافة مهمة في بناء الأساس الاقتصادي السليم لتلك الدول. وفي هذا الخصوص نشير إلى التقصير المتناهي من قبل شركات القطاع الخاص في أوطاننا العربية بصفة عامة وفي المملكة على وجه الخصوص فيما يتعلق بدعم عملية البحث العلمي ورعاية الباحثين، وهذا يوحي بأن رجال القطاع الخاص لدينا لم يدركوا بعد أن دعم البحث العلمي هو استثمار طويل المدى وسيعود بالنفع عليهم قبل غيرهم.
وتعد شركة المراعي من الشركات القلائل التي يجدر الإشادة بدورها الريادي في دعمها للبحوث العلمية ورعايتها للعلماء والباحثين، فلقد أدركت تلك الشركة أهمية البحوث التطبيقة في زيادة الكفاءة الإنتاجية التي عززت بدورها من قدرة الشركة التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية، مما انعكس بدوره على تعزيز الميزان التجاري للمملكة مع العديد من الدول الأخرى.
ان أحد أوجه اهتمام شركة المراعي بالبحث العلمي لهو (جائزة المراعي للإبداع العلمي) حيث تقوم الشركة سنوياً بدعم وتكريم المتميز من الباحثين في عدد من المجالات العلمية والتقنية وذلك تحت إشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وتمثل جائزة المراعي دعماً للعملية البحثية وتقديراً للعلماء المتميزين، كماتسهم تلك الجائزة في دعم الشركة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية كمستثمر ناجح بإدارة مبدعة يقف خلفها أمير المال والأعمال الإنسانية سلطان بن محمد بن سعود الكبير رئيس مجلس إدارة الشركة فالدعم المقدم للعلماء والباحثين ليس بالأمر المستغرب على سموه، بل أنه امتداد للنجاحات المتعددة التي يحققها سموه في المجالات شتى. وما من شك أن طريقة إدارة سموه لتلك الشركة العملاقة لهو مثال يُحتذى به من قبل شركات القطاع الخاص، فهي إدارة تؤمن بأدوارها الفاعلة والرامية لتحقيق أهداف وطنية نبيلة.
6/12/2003م              عدد 11391
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق