ترجمة

طارت فلوس الفقراء

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما وجّه سمو ولي العهد حفظه الله بتأسيس صندوق لمكافحة الفقر، تباشر الجميع فرحا، فكيف لا نفرح ورجل بثقل عبدالله بن عبدالعزيز هو من سيقف خلف هذا الصندوق ليخفف الآلام ويحقق الآمال المتوخاة في إنشائه. وبمجرد تأسيس صندوق الفقر وتقديم الدولة «200» مليون ريال لهذا الصندوق، تم تشكيل فريق أو لجنة ستتولى إعداد دراسة أو استراتيجية وطنية عن الفقر من أجل معالجته والقضاء عليه، وهذا ما زاد فرحتنا وابتهاجنا، الا أن رئيس هذا الفريق «د. عبدالإله المؤيد» كان له رأي آخر، ففي لقاء صحفي له مع صحيفة المدينة «السبت 9 رجب 1424ه» أشار الدكتور المؤيد لعدد من الجوانب التي أثارتني وحدث من ابتهاجي وفرحي بهذا التوجه المحمود للدولة في مكافحة الفقر، وإليكم بعض ما تضمنه ذلك اللقاء:
على الرغم من ان ما تم رصده للفقراء في هذا الصندوق من قبل الدولة هو «200» مليون ريال، نجد بأن الدكتور المؤيد يشير إلى أنه قد تم اعتماد «100» مليون ريال من أجل إعداد دراسة واستراتيجية الفقر، تصوروا مائة مليون ريال من أجل إنجاز دراسة ستتوصل لتوصيات لمكافحة الفقر، في ظني ان أغلب التوصيات التي قد تتوصل إليها تلك الدراسة هي معروفة سلفا.
أشار الدكتور المؤيد بان فريق الاستراتيجية لن يبدأ من الصفر حيث ان لدى الفريق كما هائلا من المعلومات المتوفرة من مصلحة الإحصاءات العامة وكذلك من وكالة الضمان الاجتماعي بوزارة العمل، فلماذا اذا تصل تكلفة تلك الدراسة إلى «100» مليون!!!
أشار الدكتور المؤيد إلى انه سيتم الاستفادة من خبرات وتجارب عدد من أجهزة الدولة المختصة بهذا الموضوع، كما أشار أيضا إلى انه سيتم الاستفادة من كافة البرامج والدراسات التي أعدتها وزارة التخطيط والاقتصاد، فلماذا إذا تصل التكلفة إلى «100» مليون ريال !!!
أشار الدكتور المؤيد إلى أن دور فريق الاستراتيجية محدود حيث سيكتفي الفريق بإعداد الدراسة فقط التي قد تصل إلى عامين، ثم سيحل الفريق حيث ستتولى وزارة العمل متابعة تنفيذ الاستراتيجية.. إذا ما الذي يجعل تكلفة إعداد تلك الدراسة يصل إلى «100» مليون ريال!!!
أشار الدكتور المؤيد إلى أن من سيشارك في إعداد استراتيجية الفقر هم من منسوبي الأجهزة الحكومية كوزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة العمل ووزارة التخطيط وغيرها من الأجهزة الحكومية، فلماذا إذا تصل تكلفة إعداد تلك الاستراتيجية إلى «100» مليون ريال!!!
أشار الدكتور المؤيد في لقائه الصحفي إلى أهمية ان يدرك الجميع ان دور اللجنة ليس كدور الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات، وانما يتمثل دورها في إعداد دراسة الاستراتيجية، وفي ظني انه طالما ان تكلفة الدراسة سيصل إلى مائة مليون ريال، فكم كنت أتمنى أن تقوم اللجنة بأعمال خيرية وتوزع «90» أو «95» مليون ريال على الفقراء وتكتفي ببقية المبلغ في إعداد الدراسة، خاصة وان كافة الجمعيات الخيرية المعنية بمساعدة الفقراء لا يتوفر لها مثل هذا المبلغ.
سبق ان أنجزت الهيئة العليا للسياحة الاستراتيجية الوطنية للسياحة، كما أنجزت وزارة النقل الاستراتيجية الوطنية للنقل، كما تم انجاز الكثير من الاستراتيجيات على مستوى المملكة. وبكل تأكيد لم تصل تكلفة إعداد أي من تلك الاستراتيجيات الخمسة أو العشرة ملايين ريال على أكثر من تقدير، فلماذا إذا يبلغ تكلفة إعداد استراتيجية الفقر «100» مليون ريال!!!
مجرد اقتراح
لو تم تفعيل الاستثمارات البلدية بكافة أشكالها في كل منطقة من مناطق المملكة ووجهت كافة الموارد المالية من تلك الاستثمارات إلى صندوق مخصص لمكافحة الفقر في تلك المنطقة، لما بقي فقير واحد في أي منطقة من مناطق المملكة.
ولو تم تنظيم حملة تبرعات مكثفة لفقراء الداخل، وتم وقف المساعدات والتبرعات الخارجية خاصة وان الأقربين أولى بالمعروف، وتم تنظيم تلك الحملة كل ثلاثة أشهر وفي كل منطقة من مناطق المملكة، وتم تدعيم تلك الحملات الدورية بتغطيات إعلامية موسعة، وتم من خلال تلك الحملات إقناع الموسرين بدفع أموال زكاتهم لهذا الصندوق الموجه للفقراء في المملكة. صدقوني لو تم ذلك لتمكنا من القضاء على الفقر في كافة مناطق المملكة ودون الحاجة إلى ان نعد دراسة ستتخذ من اليمن وتونس أمثلة نجاح يقتدى بها ويستفاد منها في مكافحة الفقر بالمملكة، ناهيك عن تكلفة إعداد هذه الدراسة سيبلغ «100» مليون ريال.
في ظني ان الفقراء بالمملكة أحق بها وأحوج إليها.

11/10/2003م                              عدد 11335

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق