ترجمة

لا تزال العقوبات غير رادعة للغشاشين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الجزيرة تعقيباً لسعادة وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون المستهلك المكلف الأستاذ عبدالله الحمودي على مقال لي سبق أن نشرته في هذه الزاوية بعنوان: (تطهير الأسواق من جرائم الغش التجاري)، وقد أشار سعادته مشكورا بأن النظام الجديد لمكافحة الغش التجاري قد روعي فيه تشديد العقوبات واستحداث عقوبات جديدة موضحا سعادته في ذلك بأن النظام قد تضمن رفع غرامات الحد الأعلى من العقوبات المالية وكذلك رفع الحد الأعلى لعقوبة السجن، وفي الوقت الذي أشكر سعادته على تجاوبه، فإنني لا أزال أؤكد بأن تفشي مخالفات (بل جرائم) الغش التجاري في الكثير من أسواقنا يتطلب منا أن نكون أكثر صرامة في التصدي لتلك الجرائم، ويسرني أن أسرد بعض المقترحات في هذا الخصوص التي أرجو من سعادة الأخ عبدالله الحمودي توجيه المختصين بوزارة التجارة بدراسة مدى إمكانية تطبيقها:
1- إذا كانت وزارة التجارة قد رفعت الحدود العليا للعقوبات المالية ولعقوبة السجن فلماذا لا تعمل على رفع الحدود الدنيا لتلك العقوبات أيضاً، لماذا لا توجد حدود دنيا رادعة لتلك العقوبات بخاصة إذا ما علمنا بأن لجان الفصل في قضايا الغش التجاري عادة ما تكتفي بفرض غرامات زهيدة، مما يعني أن العقوبات المالية لن تعادل سوى جزء بسيط من حجم الأرباح العالية التي قد يحققها التاجر من جراء ارتكابه لمخالفة الغش التجاري، إضافة إلى ذلك فإنني أعتقد بأن حجم الغرامة المالية المطبقة يجب أن تكون شاملة لكافة الأرباح التي حققها من قيامه بتسويق تلك السلع المغشوشة مضافا إليها الغرامة المالية، فمن خلال التنسيق مع الجمارك يمكن معرفة حجم وسعر البضاعة التي استوردها التاجر.
2- اقترح بأن تبدأ وزارة التجارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بإدراج عقوبة التشهير ضمن العقوبات التي يفترض أن يتضمنها نظام الغش التجاري، وإذا ما عرفنا للاسم التجاري أهميته داخل أوساط مجتمعنا السعودي، فإنني أتسأل عن السبب الذي يجعلنا نتحفظ على أسماء البعض من التجار الذين لا يترددون في ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية بحق إخوانهم المواطنين والمقيمين، وفي ظني أن نشر أسمائهم وصورهم في وسائل الإعلام سيكون مفعوله أكثر من الغرامات المالية المفروضة عليهم.
3- من الأهمية أن تبدأ وزارة التجارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في اعتبار مخالفات الغش التجاري على أنها (جرائم) بدلا من قصرها على (مخالفات) تجارية، بخاصة تلك الحالات التي تؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة مما يعني تغليظ العقوبات بحيث تشمل الجلد والسجن، بل وأحيانا القصاص في بعض الجرائم، وللمعلومية فلو أن نظام مكافحة الغش التجاري يتضمن عقوبات رادعة لما أقدم أمثال هؤلاء المجرمين على ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية، ولذا فمع احترامنا للجهود المبذولة من قبل وزارة التجارة والتي نتج عنها زيادة العقوبات التي يتضمنها النظام بحق مرتكبي جرائم الغش التجاري، إلا أنني أعتقد بأن الوزارة قد لا تتمكن من التصدي لتلك الجرائم ما لم يتم إعادة النظر في تلك العقوبات.
ختاماً، ومن خلال هذه الزاوية فإنني وباسم الآلاف من المواطنين المتضررين من ترويج تلك الأغذية المغشوشة والفاسدة والأدوية المنتهية الصلاحية نناشد وزارة التجارة ببذل مزيد من الاهتمام بهذه القضية.
16 / 6 / 2008م         عدد 13045
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق