ترجمة

الجريمة المستوردة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 جرت العادة أن تستورد الدول الأغذية والأدوية وغيرها من السلع والمنتجات ولكن لم أسمع بأن دولة ما تستورد الجريمة وجرت العادة أن الدول تحارب الجريمة وتطرد المجرمين، أما لدينا فنحن نستقدم العمالة المجرمة ونقوم بتسريحهم ليفتكوا بنا (معادلة صعبة لم أستوعبها ولم أتمكن من فهمها).
الحقيقة المرة أننا نستورد الجريمة من خلال قيام بعض ضعاف النفوس من السعوديين باستقدام عمالة مجرمة في بلادها ومن ثم يتم تسريحها لتعبث بمقدرات الوطن وبأهل الوطن مقابل حفنة من الريالات تتقاضاها تلك الفئة المريضة من المواطنين.
الحقيقة المرة أننا لوعدنا للإحصائيات الرسمية لأدركنا بأن ما لا يقل عن 80% من أعداد الجرائم المرتكبة لدينا من قبل عمالة أجنبية ويكفي أن تستعرض ما تنشره الصحف لدينا عن تلك الجرائم لتدرك ضخامة الجرائم التي تقوم بها تلك العمالة الأجنبية.
أثناء تصفحي لإحدى الصحف السعودية، لفت انتباهي كثرة العناوين المتعلقة بارتكاب عدد من الجرائم من قبل عمالة أجنبية في مختلف مناطق المملكة ومن تلك العناوين: (ضبط عصابة من المقيمات متخصصة بجرائم النشل وسرقة المحلات)، (القبض على عدد من الأجانب بتهمة سرقة السيارات)، (مقيم يسطو على 3 محلات بمكة)، (القبض على مقيم آسيوي أثناء قيامه بتصنيع الخمور)، (القبض على بنغالي بتهمة تزوير العملة) (القبض على 16 في قضايا مخدرات و15 في قضايا سرقة غالبيتهم من المقيمين).
للأسف الشديد أن غالبية الجرائم لدينا ترتكب من قبل عمالة أجنبية نحن نستقدمها ونقوم بتسريحها لتعيث فساداً وترتكب جرائم نحن ضحاياها.
سبق أن كتبت من خلال هذه الزاوية مقالاً بعنوان (فتش عن الكفيل) تساءلت فيه عن السبب في استمرار (بل تزايد) الجرائم لدينا على الرغم من الحملات والجهود المباركة التي تبذلها وزارة الداخلية للقضاء عليها وطالبت في ذلك المقال ولا أزال أطالب بأن يتم الاستعجال في تطبيق نظام البصمة حيث إن كثيراً من العمالة الأجنبية التي ترتكب جرائم ويتم القبض عليها وتسفيرها، نجد أنها تعود خلال أسابيع بجواز جديد وتأشيرة جديدة، ولذا فإن تطبيق نظام البصمة سيكون كفيلاً بالقضاء على تلك العمالة المجرمة وعدم استقدامها مرة أخرى.
مرة أخرى أؤكد بأن بعض المواطنين هم من يستورد الجريمة الأجنبية التي تتم بأيدي عمالة أجنبية في مناطق مملكتنا الغالية ومرة أخرى أؤكد بأن المجرم الحقيقي ليس بذلك العامل الأجنبي المرتكب للجريمة وإنما هو ذلك المواطن الذي خان وطنه وأهل وطنه من خلال استقدامه وتسريحه لذلك العامل.
ومرة أخرى أؤكد بأنه ما لم يكن هناك عقوبات واضحة ومعلنة وتطبق على كل من يثبت تورطه من المواطنين بالمتاجرة بأرواح أهل البلد من خلال استقدام وتسريح تلك العمالة، فلن يتوقف نزيف تلك الجرائم المستوردة.


27 / 1 / 2007م     عدد 12539

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق