ترجمة

متى سيقفون عند حدهم

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الاقتصادية في صفحتها الأخيرة وفي عددها الصادر في 17/6/1424هـ ثلاثة أخبار يقف لها شعر الرأس، وهي كالتالي:
الخبر الأول: ان «18» سيدة تم ادخالهن إلى قسم الباطنية في مستشفى الجوف إثر إصابتهن بحالة تسمم حاد بسبب تناولهن وجبة الشاورما التي يقدمها مطعم المنتزه الترفيهي المخصص للنساء.
الخبر الثاني: انه تم ضبط «11379» عبوة من المستحضرات التجميلية المغشوشة والغير مطابقة للمواصفات والمقاييس، حيث تم ضبطها لدى 12 تاجراً من التجار السعوديين.
الخبر الثالث: ان بلدية الطائف قد احبطت خلال جولتها التفتيشية ترويج أكثر من خمسة آلاف مادة غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية كانت معدة للبيع في الأسواق.
وأنا أقرأ تلك الأخبار التي تقشعر لها الأبدان، خطر إلى ذهني عدة تساؤلات منها:
إلى متى ستستمر أسواقنا مرتعاً لمثل تلك الأعمال الاجرامية من قبل أمثال هؤلاء التجار عديمي الذمم، ثم لماذا يتمادى هؤلاء التجار المجرمون في ارتكاب مختلف جرائم الغش التي ذهب ولا يزال يذهب ضحيتها الكثير من الأنفس البريئة.
ولو كان هؤلاء المجرمون يدركون بأنه سيطبق بحقهم عقوبات جنائية رادعة تتوافق مع حجم الجرم الذي يرتكبونه من خلال ترويج مثل تلك السلع الغذائية المسمومة للمواطنين، هل سيتجرأ أحد منهم تسويق تلك السلع المغشوشة.
هل يتمثل الخلل في عدم وجود العقوبات الرادعة في أنظمتنا ولوائحنا التجارية التي يمكن تطبيقها بحق هؤلاء المجرمين من التجار، أم ان الخلل يكمن في آليات تنفيذ تلك العقوبات، أم ان هناك تقاعساً من قبل الجهات المعنية بالتفتيش وتعقب مثل هؤلاء المجرمين، أم ماذا؟
الكثير يتساءلون عن السبب في عدم تطبيق بعض العقوبات الجنائية بحق أمثال هؤلاء المجرمين، خاصة وان جرائمهم قد أدت بكل تأكيد إلى إزهاق أرواح بريئة، والكثير يتساءلون عن عدم تطبيق عقوبة السجن أو الجلد أو فرض عقوبات مالية كبيرة بحقهم.
وإذا كانت عقوبة حد السيف تطبق بحق من يرتكب جريمة قتل نفس واحدة، فلماذا نغض الطرف عمن يرتكب جرائم ترويج المواد الغذائية المسمومة التي يذهب بسببها أعداد كبيرة من الأنفس البريئة، ولكن كيف نتصور ان يطبق بحقهم أي من تلك العقوبات الرادعة طالما اننا نحرص على عدم التشهير بهم حتى لا تتأثر اسماؤهم وسمعتهم التجارية في السوق.
لو كانت جرائم الغش التجاري جديدة على أسواقنا لهان الأمر وطالبنا وزارة التجارة والصناعة بتعقب هؤلاء التجار وسن العقوبات الرادعة الكفيلة بالقضاء على مثل تلك الجرائم، ولكن المصيبة انه وعلى امتداد سنوات طويلة ونحن نشهد انتشار جرائم الغش التجاري بمختلف أنواعها وفي الكثير من أسواقنا، مما يعني ان هناك خللاً ما لا بد من اصلاحه.
وأخيراً كلمة أوجهها للاخوة المعنيين بوزارة التجارة والصناعة «أرواح المواطنين والمقيمين امانة بأيديكم، ويجب ان تضربوا بيد من حديد لوقف مثل تلك الجرائم، وما لم تفعلوا، فأنتم مسؤولون أمام الله ثم أمام ولاة الأمر والذين حملوكم هذه الأمانة وقبلتم بحملها».
 
23/8/2003م                              عدد 11286

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق