ترجمة

أين وزارة المالية من دعم الهيئة؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
سبق أن ناقش مجلس الشورى توصية عضو المجلس الدكتور مجدي حريري التي تطالب مصلحة الزكاة والدخل بإيضاح مصارف إيراداتها بشقيها الزكاة والضرائب، وقد سوغ الدكتور الحريري توصيته بالإشارة إلى أن إيرادات المصلحة عام 1424 - 1425هـ كانت (139) مليار فقط منها (127) مليار من الضرائب و(12) مليار من زكاة عروض التجارة.
تلك التوصية والمناقشة لمجلس الشورى تجعلنا نتساءل عن مدى إمكانية قيام هيئة المحاسبين القانونيين بتطوير معاييرها وبرامجها الرقابية بما يحول دون صدور تقارير محاسبية على قوائم مالية غير مطابقة للواقع. فالمعنيون يدركون أن هناك بعض المحاسبين القانونيين يعدون أكثر من تقرير على القوائم المالية نفسها، وهذا يعني أن المحاسب عند تقديمه تقريره المحاسبي على قوائم مالية بعض الشركات والمؤسسات لمصلحة الزكاة والدخل سيؤدي إلى خفض الأرباح المحققة عن الواقع مما يؤدي لخفض الوعاء الزكوي الذي يتم تحصيله. فإذا كان مبلغ الزكاة المحصل من قبل المصلحة هو (12) مليار ريال، كما أشير سابقاً، فذلك يعني أن الوعاء الزكوي يبلغ (500) مليار ريال، وتلك الأرقام تؤكد أن هناك تهرباً في القطاع الخاص من دفع الاستحقاق (الكلي أو الجزئي) الزكوي للمصلحة.إضافة إلى ذلك، إذا كنا نعلم أن الشرائح الضريبية على دخل الشركات والمؤسسات يراوح بين 15و40% تقريباً، وإذا كنا ندرك أن الاستثمارات الأجنبية في المملكة تبلغ التريليونات من الريالات، فكيف نقتنع أن المبلغ المستقطع للضريبة لم يتجاوز (127) مليار ريال.
وما من شك أن ذلك يتطلب رقابة فاعلة من قبل هيئة المحاسبين من خلال تطوير معاييرها المحاسبية وبرامجها الرقابية، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قيام وزارة المالية بتقديم الدعم المالي الملائم للهيئة.
إن قيام وزارة المالية بتقديم الدعم المناسب لهيئة المحاسبين القانونيين سيدفع بالهيئة لأن تتفاعل بشكل أكبر مع المجتمع، وبالتالي زرع الثقة في الدور المهم الذي يقوم به المحاسب القانوني تجاه اقتصاد وطنه ومجتمعه. فعلى سبيل المثال، عندما يقوم المواطن بشراء أسهم شركة أو بنك وليس هناك مراجعة محاسبية دقيقة على قوائمها المالية، فهذا سيؤدي إلى التضليل بالمواطن، وإذ إنه سيبني قراراته بشراء أو بيع أسهم تلك الشركة أو البنك معتقداً أن لديها ملاءة مالية بناء على مراجعة غير دقيقة ومعلومات غير صحيحة، ما يعني أنه اتخذ قراراً غير سليم.
وهذا كله بسبب إصدار المحاسب القانوني لتقارير غير دقيقة على قوائم مالية لتلك الشركة. وهنا يأتي دور هيئة المحاسبين في إحكام الرقابة على عمل المحاسبين القانوني ما يعود بالفائدة على اقتصادنا الوطني. ولكن بكل تأكيد لن تتمكن الهيئة من تطوير وإحكام دورها الرقابي ما لم يتم تقديم الدعم الكافي من قبل وزارة المالية.
إذا كان سمو الأمير الوليد بن طلال يقدم دعماً مالياً سنوياً للهيئة يقدر بنحو (200) ألف ريال لإيمان سموه بالدور المهم الذي تقوم به الهيئة، وإذا كانت هيئة سوق المال قد دعمت الهيئة من خلال تمويلها لعدد من الدراسات التي تقوم بها الهيئة بهدف الارتقاء بمستوى إفصاح الشركات المساهمة في السوق المالية، فلماذا إذاً لا تقوم وزارة المالية بتوفير الدعم اللازم للهيئة. لا نريد من المالية دعماً للهيئة إذا كان هذا الدعم سيبنى على العلاقات الشخصية، كما لا نريد دعماً يدفع من المالية على شكل تبرع أو مجاملة. ولكن الدعم المطلوب للهيئة هو ذلك الدعم الذي ينطلق من قناعات المسؤولين في وزارة المالية بأنه سيعود بمردود كبير على اقتصادنا الوطني على وجه العموم، وعلى خزينة الدولة بصفة خاصة.
كثير من الدول تعتمد موازناتها وبشكل كبير على ما يتم تحصيله من الإيراد الضريبي، فلماذا لا تصنف المملكة ضمن تلك الدول على الرغم من ضخامة رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية المستثمرة في المملكة؟
وهل يمكن أن يتم تخصيص نسبة ضئيلة جداً من الضرائب التي تستحصلها هيئة الزكاة والدخل بحيث يتم تقديمها كدعم لهيئة المحاسبين القانونيين والجمعيات ذات العلاقة بالمهنة كلها؟ مجرد تساؤل.
 
2 / 9 / 2006م                      عدد 12392

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق