د. محمد بن عبد العزيز الصالح
منذ أن تم تعيين المهندس خالد الملحم مديراً للخطوط السعودية، والكثير يتحدثون عن أهمية الاستعجال في خصخصة كافة قطاعات المؤسسة نظراً للنجاحات التي حققها المهندس الملحم في مجال خصخصة قطاع الاتصالات عندما كان رئيساً لشركة الاتصالات، مما جعل سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة مؤسسة الخطوط السعودية يكلف الملحم بإدارة المؤسسة.
وعندما يكون الحديث عن خصخصة الخطوط السعودية، فإنه يتبادر إلى الذهن تساؤل مهم يتمثل في مدى أهمية خصخصة تلك المؤسسة وتحويل ملكيتها للقطاع الخاص، إضافة إلى مدى إمكانية وقدرة القطاع الخاص السعودي على تسيير دفة هذه المؤسسة العملاقة بكافة قطاعاتها.
ولكي نجيب على هذا التساؤل، فإنه من الإنصاف أن نشير لعدد من النجاحات التي حققتها المؤسسة التي كونت الأرضية المناسبة لدعم تخصيص المؤسسة. فلا أحد ينكر ما حققته المؤسسة من بلوغ نسبة الانضباط في مواعيد إقلاع الطائرات وانتظام رحلاتها.
وذلك وفقاً لما ذكرته مجلة (Weekly Travel) المختصة بشؤون الطيران المدني، حيث جاءت الخطوط السعودية ضمن أفضل شركات الطيران في هذا الخصوص.
أيضاً من النجاحات التي حققتها المؤسسة تلك الزيادة الملحوظة في أعداد الركاب وحملات الشحن على متن طائرات المؤسسة. وبالنظر إلى التقرير الصادر مؤخراً من قبل منظمة الطيران العالمية(IATA) يتضح أن مؤسسة الخطوط السعودية تحتل مركزاً متقدماً في هذا المجال.
إضافة لذلك، فإنه تجدر بنا الإشادة بما سبق أن وجه به سمو الأمير سلطان - حفظه الله - قبل عدة سنوات عندما وجه بإنشاء مجلس يضم مجموعة من رجال الاقتصاد والأكاديميين للوقوف على آرائهم حيال مدى تطور خدمات المؤسسة ومدى إدخال المفاهيم التجارية على ما تقدمه المؤسسة لعملائها من خدمات.
وبعد هذا الاستعراض، هل يمكن القول بأهمية وإمكانية خصخصة الخطوط السعودية في الوقت الحاضر؟ أعتقد أنكم تشاركوني الرأي في أهمية تخصيص ملكية المؤسسة، وأهمية تقديم خدماتها الجوية من خلال منظور تجاري. أما عندما نتحدث عن مدى إمكانية تحقيق تلك الخصخصة وتسريع وتيرة تحويل ملكيتها للقطاع الخاص، فإنني أعتقد بأنه وعلى الرغم من الجوانب الإيجابية الاقتصادية التي يمكن تحقيقها من خصخصة قطاعات المؤسسة، إلا أن ما يجب إدراكه هو أن تخصيص تلك المؤسسة الجوية العملاقة قد لا يقتصر على مجرد الجوانب الاقتصادية والتجارية فقط، وإنما هناك الكثير من العوامل الأخرى التي يجب وضعها في الحسبان، مما يعني أهمية عدم الاستعجال في خصخصة كافة قطاعات المؤسسة حتى يتم معالجة كافة العقبات التي قد تعترض ذلك، إضافة لذلك فإنني أعتقد بأن تخصيص مشروع عملاق بحجم مؤسسة الخطوط السعودية قد يكون أكبر من قدرة القطاع الخاص في المملكة على تسيير دفة كافة قطاعات المؤسسة في الوقت الحاضر سواء من الناحية الإدارية أو المالية مما قد ينعكس سلباً على ما تقدمه المؤسسة من خدمات لعملائها.
وبناء على ما تقدم، فإننا نبارك لإدارة الخطوط السعودية ذلك النهج المتدرج الذي تسير وفقه في خصخصة خطوطنا السعودية، حيث تم الإعلان كمرحلة أولى عن خصخصة بعض قطاعات المؤسسة كالتموين والشحن وخدمات المناولة الأرضية والصيانة. إضافة لذلك، فقد أعلنت إدارة المؤسسة توجهها لطرح ما بين 30-40% من قطاع التموين للخصخصة، حيث سيتم طرحها للمنافسة بين شركات متخصصة سعودية وأجنبية. وقد قصدت المؤسسة في هذا المنهج في خصخصة قطاع التموين استقطاب مستثمرين مؤهلين يملكون خبرات عالية في إدارة وتشغيل مثل هذا القطاع، علاوة على توفير برامج وخطوط للتطوير ورفع مستوى الأداء.
خلاصة الحديث، الخصخصة المتدرجة هو ما تحتاجه خطوطنا السعودية. وهذا هو المنهج الذي تسير وفقه إدارة المؤسسة حالياً، مما يجعلنا نتفاءل بمستقبل أكثر إشراقاً لخطوطنا السعودية.
19 / 8 / 2006م عدد 12378
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق