ترجمة

المجازر المرورية والقسوة مطلوبة يا أعضاء الشورى

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
يخضع نظام المرور الجديد حالياً لمناقشات أعضاء مجلس الشورى سواءً على مستوى اللجنة الأمنية أو من خلال الجلسة العامة للمجلس، ويعلم الجميع أن الأنظمة واللوائح لا يتم احترامها إلا إذا كانت تتضمن العقوبات الرادعة والكفيلة بدفع من ستطبق عليهم تلك الأنظمة إلى احترامها، ولابد من الاعتراف بأن السبب الرئيسي لانتشار الحوادث المرورية لدينا والناتجة عن فوضى مرورية عارمة نتج عنها قتل الآلاف من الأبرياء إنما هو بسبب ضبابية وعدم فاعلية العقوبات التي يتضمنها النظام الحالي للمرور من جهة ناهيك عن عدم تطبيق تلك العقوبات على الجميع من جهة أخرى.
وما من شك أن الجميع ينتظر ما سيتضمنه النظام المروري الجديد الذي يتم مناقشته حالياً في مجلس الشورى من عقوبات رادعة وكفيلة بالحد من الاستنزاف اليومي لأرواح الأبرياء بسبب ما نشهده من حوادث مرورية.
إلا أن ما يجعلنا لا نتفاءل كثيراً بالدور الذي سيلعبه النظام الجديد للمرور في الحد من الحوادث المرورية هو تلك المرونة غير المبررة التي ينهجها بعض أعضاء لجنة الشؤون الأمنية في المجلس، حيث لا نجد ذلك التوجه الرادع في مشروع النظام الجديد، فكيف يتوقع أعضاء اللجنة الأمنية أن يكون النظام رادعاً إذا لم يتم تحديد العقوبات التي سيتم فرضها على مخالفي أحكام نظام المرور، نعم يجب أن يحدد في مواد النظام العقوبات المالية وعقوبة السجن ومصادرة السيارة، وذلك لكل مخالفة من المخالفات المرورية مهما كثرت أو تعددت، وفي حال حدوث مخالفة مرورية معينة لم يحدد لها عقوبة فهنا يمكن للمحكمة المرورية المختصة أن تستنبط العقوبة المناسبة، انطلاقاً مما ورد في النظام من عقوبات، ولذا فإننا لا نتفق مطلقاً مع توجه اللجنة الأمنية والراعي إلى ترك تحديد العقوبات ابتداءً للقضاء؛ بحجة إعطاء القاضي حرية تقدير الظروف المختلفة وتحديد العقوبات المناسبة، أما ما يدعيه رئيس اللجنة في قوله إن اللجنة قد تركت عقوبة السجن لتقدير القاضي بحجة أن ولي الأمر قد فوض تلك العقوبة للقضاء لتحديد ما يراه بشأنها، فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق وعليه أن يدرك أن ولي الأمر عندما وجه بإحالة مشروع نظام المرور إلى مجلس الشورى لدراسته، فإن ولي الأمر لن يتوقع أن يغفل المجلس إدراج عقوبة رادعة كالسجن من نظام المرور بحجة أن ولي الأمر سبق أن فوض تطبيق مثل تلك العقوبة للقاضي، بل إن ولي الأمر يتوقع من مجلس الشورى أن يتضمن مشروع النظام الجديد كل العقوبات الكفيلة بوقف نزيف الحوادث المرورية التي أهلكت البشر لدينا. كما أنه ليس مقبولا من اللجنة الأمنية أن يأتي نظام المرور الجديد خالياً من عقوبة مصادرة السيارة؛ بحجة أن النظام الأساسي للحكم قد تضمن عدم جواز المصادرة إلا بحكم شرعي.
خلاصة القول إننا في الوقت الذي كنا نعتقد فيه أن أعضاء اللجنة الأمنية هم أكثر من يدرك الفوضى المرورية التي نعيشها وهم أكثر من يعلم بتلك الآلاف من الضحايا التي نشهدها سنوياً جراء ما نشهده من حوادث مرورية، ولذا فبدلاً من أن تطالب اللجنة بوضع كل العقوبات المتشددة في مشروع نظام المرور الجديد من غرامة وسجن ومصادرة، نجد أن اللجنة لم تتجاهل ذلك فحسب وإنما تصدت أيضاً لمطالبة بعض أعضاء مجلس الشورى المطالبين بذلك مثل ما طالب به فضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان.
الإخوة أعضاء المجلس، الجميع يتوقع منكم توجها واضحا ومتشددا فيما سيتضمنه مشروع نظام المرور الجديد من عقوبات، وعليكم أن تدركوا أن الفشل الذريع لكل الإدارات المرورية السابقة في الحد من الفوضى والحوادث المرورية إنما يعود إلى ضبابية وعدم وضوح العقوبات التي يتضمنها نظام المرور الحالي، ناهيك عن كونها عقوبات غير رادعة، وأرجو أن تضعوا في الاعتبار أن أعدادا من الحوادث المرورية لدينا سنوياً يفوق أعداد شهداء الانتفاضة الفلسطينية بعشرة أضعاف، حيث إن أعداد شهداء الانتفاضة السنوية تبلغ سبعمائة وخمسين شهيداً تقريباً في حين ان قتلى الحوادث المرورية لدينا يتجاوز الستمائة ضحية في الشهر الواحد.
وبالتالي فإن لم يتضمن مشروع النظام المروري الجديد الذي هو بين أيديكم حالياً عقوبات واضحة ومتشددة، فالرجاء ان نبقي على نظامنا الحالي، وتفتح أقسام الطوارئ في مستشفياتنا أبوابها لاستقبال المزيد من جرحى تلك الحروب المرورية الطاحنة الذين تتجاوز أعدادهم الثلاثين ألفا ما بين مصاب ومعوق، ولتفتح المقابر أبوابها لاستقبال المزيد من الضحايا الأبرياء، ولنفتح قبل ذلك قلوبنا للحزن واللوعة على فراق أحبابنا وأقاربنا.
14 / 2 / 2006م         عدد 12192

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق