ترجمة

لميا بنت فيصل: مضرب مثل

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 أثناء تصفحي لصحيفة الوطن يوم الأحد الماضي 21-11-1425هـ، وقعت أنظاري على عنوان نصه: (30 طالبة من خريجات الثانوية العامة يجمعن مبالغ حفل التخرج لبناء مسجد)، وقد سارعت لقراءة مضمون الخبر حتى أتيقن من مطابقته فعلاً لعنوانه، وعندما تأكدت من ذلك، انتابني شعور بالفرح والسعادة، فقد تضمن ذلك الخبر أن ثلاثين طالبة من خريجات القسم العلمي من مدارس المملكة الأهلية قررن الاستغناء عن إقامة حفل تخرجهن وتوفير هذا المبلغ لبناء مسجد.
يا سبحان الله، في الوقت الذي نجد فيه أن بعض الآباء والأمهات لا يترددون من إقامة حفل التخرج لأحد أبنائهم أو بناتهم مبدين جميع صور البذخ والإسراف والتمادي في نكران نعم الله علينا، حيث تصل تكلفة بعض تلك الحفلات إلى مئات الألوف من الريالات، فإننا في الجانب الآخر نجد أن الدنيا لا تزال بخير ونحن نرى مثل تلك الفتيات يرفضن الاحتفال بتخرجهن ويأثرن توجيه ما سيتم إنفاقه من أموال طائلة على الحفل ليخصصنه لعمل خالص لوجه الله تعالى ألا وهو بناء مسجد من مساجد الله، فما أبركه من عمل وما أصلحهن من فتيات.
لقد كان بإمكان تلك الفتيات أن يقمن حفلات صاخبة مليئة بالصخب والموسيقى والرقص، وبمباركة من الوالدين وذلك على غرار الكثير من الحفلات التي نسمع عنها مع نهاية كل عام دراسي، ومع ذلك نجد أن تلك الفتيات الثلاثين يخترن إنفاق تلك الأموال كصدقة جارية في بناء مسجد ستصلي فيه تلك الفتيات في شهر رمضان من كل عام حيث تمت تسمية المسجد بمسجد المملكة، وفي ذلك تشير الطالبة الأميرة لميا بنت فيصل بن مشعل وهي صاحبة فكرة بناء المسجد بأنها وزميلاتها سيفترقن بعد مرحلة الثانوية العامة ولكن المسجد سيجمعنا بالتأكيد على الحب والطاعة، وتضيف أيضاً بأنها وزميلاتها فكرن باستبدال عمل خيري يبقى أثره ويكون فيه نفع لنا ولديننا بالحفلة، مشيرة إلى أنها قد توصلت لهذا القرار مع زميلاتها بعد قناعتهن بأن أثر الحفل سينتهي خلال ساعات محدودة، على عكس هذا العمل الذي سيشعرهن بالسعادة والفخر بقية حياتهن. وأضافت أن هذه الفكرة لاقت قبولاً ودعماً من قبل أولياء أمور الطالبات ومن إدارة المدرسة.
خالص الدعوات الصادقة لرجل المبادرات الخيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي كعادته بادر على الفور بالتبرع لهذا العمل الخيري بمبلغ 900 ألف ريال، ولصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز على تبرعه أيضاً بمبلغ 300 ألف ريال، ولصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن فهد الذي تبرع أيضاً بمبلغ 200 ألف ريال للمشروع الخيري نفسه.
خالص الدعوات الصادقة لسمو الأميرة لميا بنت فيصل بن مشعل ولزميلاتها الثلاثين بالتوفيق في حياتهن الاجتماعية والتعليمية، فما قمن به من عمل إنما هو مفخرة لهن ولوالديهن، أسأل الله تعالى أن يستفيد من هذا التوجه الكثير من أبنائنا وبناتنا الخريجين ويقوموا بمثل تلك الأعمال الخيرة، فما ذلك وربي إلا وجه من أوجه الشكر لرب العالمين.
8 / 1 / 2005م       عدد  11790

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق